الرئيسية أخبار القضاء سجالات قانونية تعكس رهانات سياسية وقضائية في محاكمة مبديع

سجالات قانونية تعكس رهانات سياسية وقضائية في محاكمة مبديع

6012bc5004012
كتبه كتب في 11 سبتمبر، 2025 - 6:03 مساءً

صوت العدالة- عبد الكبير الحراب

تتواصل بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء أطوار محاكمة الوزير السابق ورئيس جماعة الفقيه بن صالح الأسبق، محمد مبديع، في واحدة من أكثر الملفات القضائية إثارة للجدل في السنوات الأخيرة. الجلسة المنعقدة، اليوم الخميس، أمام غرفة جرائم الأموال، لم تخلُ من التوتر، إذ تحولت إلى ساحة سجال قانوني بين هيئة الدفاع وهيئة الحكم، محورُه الأساسي: حق المتهم في الاطلاع على الوثائق المرتبطة بملفه.

المحامي إبراهيم أموسي، عضو هيئة دفاع مبديع، وضع إصبعه على ما يعتبره “جوهر الخلل”، مؤكداً أن الملفات المعروضة ذات طبيعة مالية وإدارية معقدة، لا يمكن مناقشتها بجدية دون الاطلاع على الوثائق الرسمية. وفي ظل ما وصفه بـ”حرمان موكله من هذا الحق”، يرى الدفاع أن مسار المحاكمة برمّته يصبح مهدداً بفقدان مصداقيته.

أموسي كشف عن حادثة وقعت داخل سجن عكاشة، حين اصطدم مع أحد الحراس بعدما مُنع من استكمال لقائه مع مبديع. ورغم أن الأمر يبدو إجرائياً، إلا أن الدفاع اعتبره مؤشراً خطيراً على تقييد حق الدفاع، مؤكداً أن “هذا أول ملف يحرم فيه حتى من عطلة الصيف بسبب إشكال قانوني بديهي”، في إشارة إلى ما يراه عراقيل مفتعلة تعيق التواصل مع المتهم.

جزء مهم من مرافعة الدفاع ركّز على حدود مسؤولية مبديع بصفته رئيساً سابقاً للمجلس الجماعي للفقيه بن صالح. فحسب روايته، كان دور مبديع يقتصر على التأشير الإداري دون التدخل في التفاصيل التقنية للصفقات العمومية، وهو ما يجعل الوثائق مسألة حاسمة لإبراز طبيعة تدخله، أو لإثبات محدودية مسؤوليته في الاتهامات المتعلقة بالاختلاس والتبديد.

من جهته، اختار المحامي عمر حلوي، عضو دفاع متهم آخر في الملف، تسليط الضوء على ما يعتبره اختلالاً أكبر: طول فترة الاعتقال الاحتياطي. إذ أشار إلى أن موكله، المتابع منذ أزيد من سنتين، يعيش وضعاً استثنائياً يناقض قاعدة “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”. وذهب أبعد من ذلك بالقول إن الاعتقال الاحتياطي في هذا الملف تحوّل إلى ما يشبه “عقوبة سالبة للحرية قبل صدور حكم نهائي”، في تناقض صريح مع الدستور المغربي والمواثيق الدولية.

حلوي لم يكتف بطرح الإشكال القانوني، بل ربطه بالثقة المجتمعية في المؤسسة القضائية، مؤكداً أن استمرار هذا الوضع يضر بصورة العدالة نفسها، ويجعلها في موقع المتهم أمام الرأي العام.

منذ اعتقاله في أبريل 2023، ظل مبديع متمسكاً ببراءته، معتبراً نفسه ضحية “حسابات سياسية” مرتبطة بتسييره لبلدية الفقيه بن صالح. في المقابل، يصر الادعاء على أن الاتهامات الموجهة إليه – اختلاس وتبديد أموال عمومية – تستند إلى معطيات موضوعية. غير أن ما يثير الجدل هو تداخل البعد القانوني مع البعد السياسي، ما يجعل المحاكمة أكثر من مجرد نزاع قضائي، بل ساحة اختبار لمدى قدرة القضاء المغربي على احترام معايير المحاكمة العادلة.

هيئة الحكم، برئاسة القاضي علي الطرشي، قررت تأجيل البت في الملتمسات إلى الثلاثاء المقبل، على أن تستأنف جلسات الاستماع يوم الخميس القادم. وهو قرار يعكس استمرار حالة الشد والجذب بين الدفاع وهيئة المحكمة، ويترك الباب مفتوحاً أمام تصاعد الجدل القانوني والإعلامي المحيط بالقضية.

مشاركة