الرئيسية غير مصنف ملف الدكتور أحمد قيلش.. حين تختلط المساءلة بالتشهير الجماعي وتهتز قرينة البراءة

ملف الدكتور أحمد قيلش.. حين تختلط المساءلة بالتشهير الجماعي وتهتز قرينة البراءة

IMG 4925
كتبه كتب في 19 مايو، 2025 - 11:11 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

تتابع الأوساط الجامعية والإعلامية باهتمام بالغ تطورات ملف الدكتور أحمد قيلش، الأستاذ الجامعي بجامعة ابن زهر بأكادير، الذي يخضع لتحقيقات قضائية بشأن ما يروج عن منح شواهد أكاديمية ودكتوراه مقابل مبالغ مالية. وبينما يتفاعل الرأي العام مع القضية، يلوح في الأفق لبس خطير، يتمثل في التعميم غير المبرر والتشهير المجاني بمئات الطلبة الذين لا ذنب لهم سوى أنهم تابعوا دراستهم في مسالك يشرف عليها الأستاذ المذكور.

فمن غير المعقول ولا المقبول أن تُختزل مؤسسة جامعية بكاملها، أو فوج من الطلبة الباحثين، في شبهة غير مثبتة بعد أمام القضاء. كما أن الاشتباه في ممارسات فردية، إن وُجدت وثبتت قانوناً، لا يعني بالضرورة أن كل المسجلين في تلك التكوينات شركاء فيها، أو أنهم حصلوا على شواهدهم مقابل المال. بل إن في صفوف هؤلاء طلبة مجتهدون، بذلوا مجهوداً فكرياً وأكاديمياً مشهوداً، ونجحوا عن جدارة واستحقاق، وفق المساطر الرسمية المعمول بها.

إن ما يزيد الوضع تعقيداً وخطورة هو قيام بعض الجهات بنشر لوائح أسماء الطلبة الذين تابعوا دراساتهم العليا تحت إشراف الدكتور قيلش، في محاولة لربطهم آلياً بموضوع التحقيق، وهو سلوك لا يخلو من تجنٍ وانتهاك صريح للحقوق، ويقع تحت طائلة المساءلة القانونية، لما يمثله من تشهير ومس بالكرامة وضرب للمستقبل الأكاديمي والمهني لهؤلاء الشباب، دون أن يصدر في حقهم أي حكم أو شبهة شخصية.

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأن الدكتور أحمد قيلش لا يزال رهن تدابير الاعتقال الاحتياطي، وأن محاكمته لم تجر بعد، ما يستوجب احترام قرينة البراءة المكفولة دستورياً وقانونياً، ليس فقط للأستاذ المتابع، بل أيضاً لكل من ورد اسمه عرضاً أو ارتباطاً بهذه القضية. فالعدالة لا تُبنى على التسرّع، ولا تُختزل في صفحات التواصل الاجتماعي أو الحملات الإعلامية غير المنضبطة.

إن الجامعة المغربية، برصيدها العلمي وكفاءاتها الوطنية، بحاجة إلى إصلاح عميق يعيد الاعتبار للنزاهة والشفافية، لكن في إطار يحترم القانون والمؤسسات وحقوق الأفراد. أما تحويل الشبهات إلى أحكام قطعية، وتحويل ملفات التحقيق إلى مذبحة معنوية، فلن يخدم إلا مزيداً من فقدان الثقة والاحتقان داخل المنظومة التعليمية.

المطلوب اليوم هو أن تُترك العدالة تأخذ مجراها الطبيعي، وأن تُحترم الكرامة الإنسانية، وأن يُصان حق الطلبة في التكوين والتقدير، بعيداً عن خلط الأوراق، وتصفية الحسابات، والأحكام المسبقة.

مشاركة