الرئيسية بيان صحفي المركز المغربي لحقوق الإنسان يطالب بكشف شبكة الاتجار في الشهادات الجامعية ومحاسبة المتورطين وحماية المبلّغين عن الفساد

المركز المغربي لحقوق الإنسان يطالب بكشف شبكة الاتجار في الشهادات الجامعية ومحاسبة المتورطين وحماية المبلّغين عن الفساد

IMG 20250520 WA0090
كتبه كتب في 20 مايو، 2025 - 5:35 مساءً

يتابع الرأي العام الوطني، بصدمة واستنكار شديدين، تداعيات الفضيحة الأخلاقية والجنائية التي هزّت قطاع التعليم العالي، والمتعلقة باتهام أستاذ جامعي في كلية الحقوق بجامعة ابن زهر بالاتجار في الشهادات الجامعية، واستغلال النفوذ، ناهيك عن تورطه في جرائم التحرش الجنسي، والانتقام من زملائه، المبلغين ضد سلوكياته.
إن ما كشفت عنه التحقيقات الأولية من وقائع ومعطيات، يعبّر عن جريمة مؤسساتية ممنهجة، لم تكن لتستفحل وتستمر لسنوات لولا التواطؤ والصمت الإداري، الذي وصل في بعض القضايا إلى التوظيف المسيء للقضاء من أجل معاقبة المبلغين عن جرائم الفساد الأكاديمي بدل حمايتهم.
إننا أمام جريمة من شأنها أن تهدد سمعة الشواهد الجامعية المغربية بشكل غير مسبوق، بسبب تورّط هذا الأستاذ الجامعي، وعدد من أمثاله، الذين لازالوا لم تطالهم يد العدالة بعد، في بيع شهادات الإجازة والماستر والدكتوراه، خارج منطق الاستحقاق العلمي، والأخطر أن بعض الحاصلين على تلك الشهادات المشبوهة أصبحوا يشغلون مناصب حساسة في الدولة، بما فيها مؤسسات العدالة والأمن وإنفاذ القانون، وهو ما يفرض على الدولة فتح تحقيق إداري دقيق ومستقل في كل الشهادات الصادرة عن المسالك التي تورط منسقوها في هكذا جرائم، مع ترتيب الآثار القانونية على من ثبت عدم استحقاقه لها، وسحب تلك الشهادات وإلغاء الترقيات المبنية عليها.
إن هذه الفضيحة تعيد إلى الواجهة قضية خطيرة تتعلق بـاستهداف المبلّغين عن الفساد، وترهيبهم باستعمال القضاء، بدل تفعيل القوانين الدستورية التي تحميهم وتكرّس دورهم في إنقاذ المؤسسات.
لا يتعلق الأمر بحالة واحدة، حيث يُسجن أو يُغرّم فيها مواطن أو أستاذ جامعي بسبب فضحه لممارسات فساد تسري بها الركبان، فعلى سبيل المثال، ما جرى سنة2018 لأستاذ جامعي فضح المتاجرة في شهادة ماستر يشرف عليه نفس الأستاذ المتابع حاليًا، حيث حُكم عليه بغرامات باهظة، قبل أن تنصفه محاكم الاستئناف والنقض، لكن بعد أن تم إخراسه وترويعه معنويًا ومهنيًا.
وفي قضية أخرى لا تقل خطورة، أطلق أحد النواب البرلمانيين ( سنة 2015) تصريحات قوية اتهم فيها أحد المنتخبين، رئيس جهة الشرق آنذاك، بتمويل حملته الانتخابية من أموال المخدرات. وبدل فتح تحقيق، تمت محاكمة المبلّغ، بينما تُرك المشتبه فيه يتقدّم في المناصب والمسؤوليات، إلى أن تفجّرت لاحقًا فضيحة “إسكوبار الصحراء” دوليًا، ليعتقل المشتبه به سنة 2023.
هذه الأمثلة وغيرها تطرح السؤال التالي : كم من فاسد تُرك ليتغوّل ويؤسس شبكات نفوذ؟ وكم من مواطن مخلص حوكم لأنه بلّغ؟
إن أول خطوة في مسار تحقيق نهضة تنموية حقيقية، يكمن في محاربة الفساد، لكون الفساد مكبح بنيوي للتنمية، لكن للأسف، في الوقت الذي يتطلب فيه السياق الوطني محاربة المفسدين، من خلال تشجيع التبليغ عن الفساد وتعزيز تقوية دور المجتمع المدني في هذا السياق، تفاجأ المغاربة بمحاولة تمرير المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، التي تهدف إلى منع الجمعيات وهيئات حماية المال العام من تقديم شكايات أمام القضاء، وهو ما يعني تحصين لوبيات الفساد ومنع تتبعها أو فضحها، وتجريم الأدوار الحيوية التي تضطلع بها القوى المدنية النزيهة.
وعليه، فإن المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان يطالب بما يلي:

  1. محاكمة شفافة وعادلة ليس في حق الأستاذ الموقوف فحسب، ولكن في حق أعضاء الشبكة الواسعة التي تتمترس وراء هذا الشخص، وكل من تتبث التحقيقات الدقيقة والواسعة تورطه في فضيحة بيع الشهادات أو تستّره عليها أو استفادته منها، أو ممارسة الابتزاز في حق الطلبة.
  2. فتح افتحاص وطني معمق لمسالك الماستر والدكتوراه التي أدارها المتهم ومن على شاكلته، والتي قد تكون استخدمت كواجهة للزبونية والبيع.
  3. سحب كل الشهادات المشبوهة، والقيام بتدقيق حضور الطلبة المشتبه حصولهم عليها من دون استحقاق، وافتحاص نتائجهم الدورية، ومباريات ولوجهم.
  4. إلغاء الترقيات التي تمت بناءً على تلك الشهادات المشبوهة وغير المستحقة، خصوصًا في المؤسسات ذات الصلة بإنفاذ القانون.
  5. حماية المبلغين عن الفساد بدل متابعتهم وترهيبهم، والتراجع عن الفصول القانونية التي تقصي دور المجتمع المدني في حماية المال العام وفي التبليغ عن الفساد.
    إننا اليوم في لحظة مفصلية، إما أن يُعاد الاعتبار لكرامة الجامعة واستقلال القضاء، وإما أن نستمر في تغطية الشمس بالغربال، على حساب ثقة المواطنين والمؤسسات ومستقبل الوطن .
مشاركة