الرئيسية غير مصنف الديمقراطية ليست مجرد انتخابات

الديمقراطية ليست مجرد انتخابات

FB IMG 1625740014396
كتبه كتب في 8 يوليو، 2021 - 11:27 صباحًا

الانتخابات من أهم وسائل المشاركة في اتخاذ القرارات، وهي أساس الشرعية لكل سلطة سياسية، تحقق المساءلة والاستدامة، وتجرى الانتخابات لتحقيق مقاصد محددة بصورة فعالة، فهي ليست هدفا بحد ذاتها، وإنما هي آلية لتحقيق الأهداف. أما عملية ارساء الديموقراطية فترتكز أساسا على الاصلاحات ومجابهة تحديات التنمية، كما تخول للمواطنين من المشاركة في السياسات والممارسات التي تخلقها أو تدعمها الحكومة والتأثير عليها.

من هنا نتساءل ما مدى الترابط بين الديمقراطية والانتخابات؟

عرف جوزيف شومبيتر الديمقراطية على أنها مجموعة من الإجراءات والمؤسسات التي يستطيع الأفراد من خلالها المشاركة في عملية صنع القرارات السياسية عن طريق التنافس في انتخابات حرة،ومن جهته وضع روبرت دال من وجهة نظره الانتخابات الحرة والنزيهة ضمن الشروط السبعة للشكل الديمقراطي، مؤكدا على ضرورة أن يسبق إجراء تلك الانتخابات مجموعة من الحريات والحقوق الديمقراطية،وهذا يعني أن صناديق الاقتراع الشفافة لا تصنع بالضرورة الديمقراطية، فالانتخابات لا تسبق الديمقراطية، وهي لا تنتج لا الديمقراطية ولا الحريات والحقوق

الانتخابات هي الآلية التي تضمن التداول السلمي للسلطة السياسية، وهي تعطي للمواطن حقا أساسيا وهو أن يشارك في الحكم وإدارة الشؤون العامة، فإرادة الشعب التي يعبر عنها في صناديق الاقتراع هي مصدر السلطة في الحكم الديمقراطي وبالتالي تعطيه سلطة خاصة به وهي سلطة الاختيار

يمكن أن نطرح بالتالي الأسـئلة الجادة بشأن نجاعة العمليات والآليات الانتخابية ومدى علاقتهـا كآلية في بناء و تأمين المجتمع الديمقراطي

ان قيمة الانتخابات تتحدد بعائدها الديمقراطي، الذي يـشمل بقاءها مجالا مفتوحا للتنافس الإيجـابي

بين القوى والمصالح والأفكار المتباينة بما أنها وسيلة رئيسة للرقابة الشعبية على أداء السلطة السياسية، ثم لمحاسبة القائمين عليها، وفـقا للاختيار العام والإرادة الحرة للمواطنين باعتبارهم أصحاب الحق الأصيل في ذلك

ولعل من أبرز الأدبيات وأكثرها شمولا ما قدمه ديفيد باتلر بتعريفه للانتخابات العامة الديمقراطية على أنها تستند إلى شروط ستة، هي:  التصويت العام هو حق لكل مواطن بالغ، تنظيم الانتخابات بشكل دوري و منتظم، حرية تشكيل الأحزاب السياسية حق التنافس  و الترشح للمناصب السياسية، حرية إدارة الحملات الانتخابية وعرض الآراء و مناقشتها، وتمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وسط جو من الحرية والسرية وفرز الأصوات وإعلانها بشفافية والاعتراف بها

استناداً إلى تجارب الديمقراطيات والدستورية، فإنه يمكن القول أن الانتخابات ليست هدفا في حد ذاتها، وإنما هي آلية لتحقيق مقاصد أعلى

وهذا يعني أن الحكومة تستند في ممارسة مظاهر السلطة إلى عنصر التفويض الشعبي، لأن الربط بين مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة والانتخابات يحدد الطريقة التي يستمد من خلالها المسؤولون السلطة من الجماهير، وكذا الطريقة التي يمكن للجماهير من خلالها ممارسة حقها في مقاومة وتغيير من لا يُعبر عن آمالها ومطالبها. وبالتالي اعطاء المواطن قيمته كمشارك في صنع القرارات وليس مجرد متلق ومنفذ لما يقرره المسؤولون المنتخبون

وإجمالا فإن الانتخابات عملية سياسية ودستورية، وكما يمكنها أن تفـضي للانتقال إلى الديمقراطية فإنها يمكن أن تثير المزيـد مـن الـصراعات الـسياسية والاجتماعية، ولذلك فهي تحتاج للمزيد من الحوكمة

الحفيرة يوسف باحث متخصص في التواصل السياسي.

مشاركة