الرئيسية أحداث المجتمع ابني ومصروف الجيب. ما العمل؟

ابني ومصروف الجيب. ما العمل؟

IMG 20191030 WA0041 1
كتبه كتب في 30 أكتوبر، 2019 - 6:51 مساءً

بقلم الأستاذ. مصطفى أمجكال

تحتار كثير من الأسر في مسألة مصروف الجيب الخاص بالأبناء، و خاصة في فترة العطلة، مما يطرح العديد من الأسئلة الجوهرية حول: ما هو السن الذي يمكن أن يسلم فيه الطفل مصروف الجيب ؟ و هل يعتبر ذلك مسألة تربوية و صحية بالنسبة للناشئة ؟ ثم ما هي الوسائل التي تمكن الأسر من متابعة مصاريف الأبناء الخاصة بهم ؟
في معرض الإجابة عن هذه التساؤلات لابد من التذكير بأهمية زرع الثقة بين الآباء و أبنائهم فيما يخص مصروف الجيب ، فكون الأسرة تعطي للطفل مصروفه الخاص سواء اليومي أو الأسبوعي ، فإن ذلك يزيد من الشعور بالأهمية و المسؤولية و الثقة لدى الطفل ، كما أنه يساعد على تشكل شخصية الطفل وبالأخص حينما يبدأ بالإحساس بالأهمية و المسؤولية و القدرة على تسيير ذاته ، فبالرغم من كون ذلك لا يخرج عن كونه شعور مبكر يحتاج إلى متابعة و مراقبة و تتبع ، إلا أنه مهم جدا للآباء و الأمهات الانتباه إليه و أخذه بعين الاعتبار في العملية التربوية ، لذا يجدر بنا في هذا المقام التنبيه على أمور تهم مسالة مصروف جيب الأطفال :
عندما نتحدث عن العملية التربوية فإننا نتحدث عن مرحلة مبكرة جدا من حياة الأبناء ، فهي غير مرتبطة بسن معين بقدر ما هي مرتبطة بالطريقة التربوية التي نمارسها من أجل ترسيخ المهارة لذا الأبناء ، و من جملتها التربية على تحمل المسؤولية المالية داخل الأسرة ، و ذلك من خلال الإشراك في وضع ميزانية البيت و تحديد أولويات المشتريات و أهميتها و وقتها و ما إلى ذلك من أنواع المسؤوليات المنزلية ، فمن شأن هذه العملية أن تزرع في الأبناء نوعا مبكرا من التفكير في اتخاذ القرار و تحمل الأعباء و تكسبهم الثقة في أنفسهم و في قدراتهم مما ينعكس بشكل إيجابي على تصرفاتهم المادية الخاصة بهم .
إن هذا الإشراك المبكر في التدبير المالي المنزلي هو الذي يجعل من الطفل قادرا على إقناع الآباء بجدوى حصوله على مصروفه الشخصي ، فتكون المهارة التي يكتسبها في ذلك هي الجواب الحقيقي عن سؤال السن الذي يمكن أن يسلّم فيه الطفل مصروفه و ليس السن فقط ، بل السن و المهارة التي اكتسبها خلاله ، ثم إن الإخلال في تلقين هذه المهارة أو الإبعاد الذي يمارس على الطفل بدعوى عدم قدرته على التصرف في المال هو الذي يؤدي في الغالب بالأبناء إلى تعلم
( سرقة المال ) كما يعبر عنها غالبا من طرف الآباء و الأمهات، في حين هي نتيجة طبيعة للحرمان و الإقصاء من المشاركة في التدبير المالي للأسرة.
من جملة ما ينصح به في هذا الباب :
أولا : لابد من تعليم الأبناء مهارات التدبير المالي داخل الأسرة ، و لابد أيضا أن يعرف الأبناء المعنى الحقيقي للمال و الغاية التي خلق من أجلها ولو بطريقة مبسطة و سهلة كالإشراك في دفع ثمن السلعة مثلا و ذلك بوضع المال في يد الطفل قصد دفع الثمن و تسلم الباقي ، فبالرغم من كونها عملية بسيطة لكن آثارها النفسية لدى الطفل تعتبر هامة جدا في بناء الثقة و الشخصية القيادية المسئولة.
ثانيا : لا ينبغي إغفال جانب الذكاء المالي لدى الأطفال ، فالطفل لديه قدرات و مواهب قوية في جانب التدبير المالي ، و تبرز هذه القدرات في عملية الشراء ولو كانت بسيطة ، فهو يعرف نوعها و صلاحيتها و مقارنتها بنظيرتها ، و هذا الجانب ينبغي استثماره في تطوير تلك المهارة و تنميتها قصد تكوين شخصية مستقلة قادرة على تحمل المسئولية .
ثالثا : الأهم في هذا الجانب هو خلق البيئة الداعمة للأبناء ، البيئة التي تمكنهم من الشعور بالأهمية و الثقة و القدرة على الإحساس بالاستقلالية ، و لا تكون هذه البيئة إلا بالحب و الحوار و التواصل الفعال و المثمر ، و الإشراك و التتبع و المراقبة .

مشاركة