الرئيسية تعليم التعليم الأولي بالمغرب: مكاسب كمية وتحديات نوعية في أفق ترسيخ الجودة

التعليم الأولي بالمغرب: مكاسب كمية وتحديات نوعية في أفق ترسيخ الجودة

MAPPH 20220121 0023 MAP map 1024x682 1
كتبه كتب في 26 ديسمبر، 2025 - 11:04 صباحًا


شهد التعليم الأولي بالمغرب خلال العقد الأخير تحولات بنيوية لافتة، عكستها المؤشرات المتقدمة لنسب الولوج وتوسيع العرض التربوي، في سياق تنزيل برنامج تطوير وتعميم التعليم الأولي للفترة 2018-2028، الذي أضحى أحد الأوراش الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التربوية الوطنية.
فقد انتقل معدل تمدرس الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 4 و5 سنوات من 50.2 في المائة سنة 2015 إلى 70.4 في المائة سنة 2025، وفق نتائج تقرير تقييم التعليم الأولي برسم الموسم الدراسي 2024-2025، الذي قدمه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. ويُعزى هذا التطور، حسب المعطيات الرسمية، إلى المجهودات المبذولة لتوسيع الشبكة العمومية وتحسين شروط العرض، خاصة في المجالات القروية.
وفي هذا الإطار، أوضح هشام آيت منصور، مدير الهيئة الوطنية للتقييم، أن الوسط القروي سجل قفزة نوعية في نسب التمدرس، حيث ارتفع المعدل من 36.3 في المائة إلى 75.6 في المائة، متجاوزًا نظيره الحضري، في مؤشر دال على نجاعة التوجهات المعتمدة لتقليص الفوارق المجالية وتحقيق قدر أكبر من الإنصاف التربوي.
وعلى مستوى البنيات، عرف عدد وحدات التعليم الأولي العمومي نموًا مطردًا، منتقلاً من 6185 وحدة خلال الموسم الدراسي 2018-2019 إلى 23182 وحدة خلال الموسم 2024-2025، مقابل تراجع ملحوظ في الوحدات غير المهيكلة، التي انخفض عددها من 18882 إلى 4946 وحدة، في مسار يروم تأطير القطاع والارتقاء بجودة خدماته.
كما سجل التقرير تضاعف الميزانية العمومية المخصصة للتعليم الأولي، التي انتقلت من 1.13 مليار درهم سنة 2019 إلى حوالي 3 مليارات درهم سنة 2025، مع تحول تدريجي في طبيعة الإنفاق من الاستثمار إلى التسيير، بما يعكس توجهًا نحو ضمان استدامة الخدمات وتحسين شروط اشتغال الموارد البشرية.
غير أن هذا التقدم الكمي، بحسب التقييم، لا يخفي استمرار تحديات بنيوية، في مقدمتها الفوارق الاجتماعية والمجالية في الولوج وجودة التعلمات، وضعف بعض البنيات التحتية والمرافق الصحية، إلى جانب محدودية الممارسات التربوية التفاعلية داخل الأقسام، وهشاشة إدماج الأطفال في وضعية إعاقة.
وسلط التقرير الضوء أيضًا على وضعية المربيات والمربين، مبرزًا تفاوت شروط العمل والتأطير المهني، خاصة في التعليم العمومي وغير المهيكل، وهو ما يؤثر على الاستقرار المهني وجودة الممارسات البيداغوجية، ويستدعي، وفق المجلس، معالجة شمولية ومستدامة.
وفي أفق تجاوز هذه الإكراهات، أوصى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بترسيخ منطق الجودة كخيار استراتيجي، وتعزيز الحكامة والقيادة المؤسساتية، وتوحيد معايير التأطير والتكوين، مع تقوية دور الجماعات الترابية في إطار الجهوية المتقدمة، والارتقاء بمهنية المربيات والمربين عبر تحسين شروط العمل والتكوين الأساس والمستمر.
ويستند هذا التقييم إلى دراسة ميدانية شملت 180 وحدة للتعليم الأولي بمختلف أنماطها، وعينة مكونة من 871 طفلًا، و180 مربية ومربيًا، و180 مسؤولًا عن المؤسسات، إضافة إلى 624 من أولياء الأمور، وإنجاز 180 جلسة ملاحظة صفية، ما يضفي على خلاصاته طابعًا علميًا وواقعيًا يعكس الوضع الفعلي للقطاع.

مشاركة