الرئيسية آراء وأقلام كرة القدم بين الروح الرياضية والحسابات الضيقة… المنتخب الجزائري نموذجا

كرة القدم بين الروح الرياضية والحسابات الضيقة… المنتخب الجزائري نموذجا

IMG 20251220 095520
كتبه كتب في 20 ديسمبر، 2025 - 9:56 صباحًا

بقلم: عبد السلام اسريفي
منذ وصول المنتخب الجزائري إلى المغرب للمشاركة في نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025، طفت على السطح مجموعة من المؤشرات التي تطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة المقاربة المعتمدة داخل بعثة “الخُضر”، وحول الخلفيات التي تؤطر تعاطي بعض الأطراف مع هذه المشاركة القارية.
لا يتعلق الأمر هنا بنتائج أو اختيارات تقنية، فذلك يبقى شأناً داخلياً لكل منتخب، وإنما بسلوك عام وطريقة تعامل تعكس ذهنية تتجاوز المستطيل الأخضر. أول هذه المؤشرات كان العدد المبالغ فيه لأفراد الطاقم المرافق، والذي فاق عدد اللاعبين بشكل لافت، في صورة توحي وكأن الأمر يتعلق بمهمة أمنية معقدة أكثر منه مشاركة رياضية يفترض أن يسودها الانفتاح والروح الرياضية.
كما أن تجاهل طقوس الاستقبال المغربية، المتمثلة في تقديم الحليب والتمر، لم يمر دون ملاحظة. فهذا التقليد ليس إجراءً بروتوكولياً عابراً، بل رمز متجذر في الثقافة المغربية، يعكس كرم الضيافة وحسن الاستقبال، وقد حظيت به جميع المنتخبات المشاركة دون استثناء. تجاهله يبعث برسائل سلبية، سواء عن قصد أو بدونه، ولا يخدم صورة كرة القدم كجسر للتواصل بين الشعوب.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يمتد إلى طريقة تعاطي بعض وسائل الإعلام الجزائرية مع الحدث، حيث لوحظ تغييب اسم المغرب أو التقليل من حجم المجهودات التنظيمية المبذولة، مقابل التركيز على تفاصيل ثانوية والبحث عن ملاحظات هامشية. وهو توجه لا ينسجم مع واقع يشهد به القريب والبعيد، مفاده أن المغرب يضع كل ثقله لإنجاح نسخة استثنائية من كأس إفريقيا، على مستوى البنيات التحتية، التنظيم، الأمن، والضيافة.
إن تسييس الرياضة أو تحميلها حسابات لا علاقة لها بالمنافسة الشريفة، يسيء قبل كل شيء إلى اللعبة نفسها، وإلى الجماهير التي تتطلع إلى كرة قدم نظيفة، قائمة على الاحترام المتبادل والتنافس داخل الملعب فقط. كرة القدم الإفريقية اليوم في حاجة إلى خطاب يوحد ولا يفرق، يبني ولا يهدم، ويُعلي من قيمة الرياضة كرافعة للتقارب بين الشعوب.
المغرب، وهو يستضيف هذه التظاهرة القارية، لا يحتاج إلى شهادة من أحد. نجاحاته التنظيمية متراكمة، وتطوره الرياضي واضح، وهو نابع من عمل مؤسساتي متواصل، ومن استثمار في الإنسان والبنية التحتية، بعيداً عن أي منطق استعراضي أو توظيف ضيق.
وفي النهاية، تبقى الحقيقة بسيطة: كرة القدم وجدت لتُلعَب، لا لتُستَغل. ومن أراد المنافسة، فليجعل الملعب وحده ساحة الصراع، وليترك للرياضة روحها النبيلة التي تجمع ولا تفرق.

مشاركة