الرئيسية أخبار وطنية نقاش علمي بين القارات: جامعة ابن طفيل تُعزز التعاون الثقافي بين المغرب وبريطانيا

نقاش علمي بين القارات: جامعة ابن طفيل تُعزز التعاون الثقافي بين المغرب وبريطانيا

IMG 6425
كتبه كتب في 17 ديسمبر، 2025 - 2:44 مساءً

صوت العدالة: سفيان س

في عصر يشهد تحولات كبرى في السياسة الدولية، أظهرت جامعة ابن طفيل بالقنيطرة مكانتها الريادية في الدبلوماسية الأكاديمية من خلال مشاركتها الفاعلة في الندوة الدولية التي استضافتها جامعة كامبريدج البريطانية. هذه الندوة لم تكن مجرد حدث أكاديمي اعتيادي، بل كانت فرصة استراتيجية لاستكشاف العلاقات الثقافية والعلمية بين المغرب وبريطانيا. وساهمت في فتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين في مجالات متعددة، حيث أظهرت الجامعات المغربية قدرتها على لعب دور أساسي في تعزيز الدبلوماسية الأكاديمية.

أصبح الحوار بين الأمم اليوم يعتمد بشكل متزايد على القوى الناعمة، التي تعتمد على المعرفة والتبادل الثقافي، وليس فقط على القنوات الحكومية الرسمية. وفي هذا السياق، قدمت جامعة ابن طفيل نموذجًا متقدمًا للمشاركة الأكاديمية التي تجمع بين البحوث العلمية والفهم العميق للعلاقات بين الشعوب. لم تكن الندوة مجرد لقاء أكاديمي تقليدي، بل كانت منصة لتسليط الضوء على عمق العلاقات المغربية-البريطانية، مستندة إلى مجموعة من المداخل العلمية المتنوعة التي تشمل التاريخ، الإعلام، سرديات الرحلة، والدبلوماسية الثقافية.

شارك في الندوة نخبة من الأكاديميين والباحثين من جامعة ابن طفيل إلى جانب نظرائهم من أرقى الجامعات البريطانية مثل كامبريدج وأكسفورد وإدنبرة. هذه المشاركة المكثفة من جانب أكاديميين مغاربة قد أضافت بعدًا جديدًا للنقاش، حيث تم تبادل الخبرات والأفكار بين الباحثين من خلفيات ثقافية مختلفة. هذا التلاقح بين العقول الأكاديمية أسهم في إغناء الحوار العلمي وتوسيع نطاق الفهم المتبادل بين الثقافتين المغربية والبريطانية.

وأكد الأستاذ محمد هموش، أحد المشاركين في الندوة، على أن مثل هذه المبادرات تمثل “تحول الجامعة المغربية إلى فاعل رئيسي في الدبلوماسية الثقافية”. وأضاف أن البحث العلمي أصبح يُعد قناة استراتيجية للدفاع عن القضايا الوطنية وبناء صورة متوازنة عن المغرب في الخارج. وقال إن العلاقات المغربية-البريطانية هي “علاقات طويلة الأمد”، مشيرًا إلى أن التعاون بين البلدين ليس مجرد مسألة ظرفية، بل يقوم على تاريخ طويل من التبادل الثقافي والدبلوماسي.

من جانبه، أشار الدكتور أمين صوصي علوي، منسق الندوة، إلى أن هذا اللقاء يأتي في إطار “رؤية أكاديمية تهدف إلى توثيق الذاكرة المشتركة بين المغرب وبريطانيا”، مع التركيز على ضرورة “إعادة قراءة التاريخ المشترك بعيدا عن المناهج النمطية”. وبيّن أن الندوة كانت أيضًا فرصة لفتح نقاش علمي حول دور الإعلام والثقافة في تشكيل التصورات المتبادلة بين الشعبين، وهي مسألة لها انعكاسات مهمة على فهمنا للعلاقات الدولية في العصر الحديث.

إن المشاركة المتميزة لجامعة ابن طفيل في هذا الحدث الأكاديمي المرموق تأتي في سياق سعي المملكة المغربية إلى تعزيز موقعها على الساحة الدولية من خلال تطوير دبلوماسيتها الأكاديمية. فقد أثبتت الجامعات المغربية أنها جزء أساسي من هذا التوجه، حيث أصبح التعليم العالي والبحث العلمي من أبرز أدوات تعزيز التواجد المغربي في المحافل الدولية. وهذا يعكس رؤية المملكة المستقبلية التي تتبنى المعرفة كأداة استراتيجية لتوسيع النفوذ الثقافي وتعزيز العلاقات الثنائية.

وفي السياق نفسه، يُعتبر الحوار العلمي بين المغرب وبريطانيا سبيلاً لتحليل التحديات المشتركة وفتح فرص جديدة للتعاون. فقد تناولت الندوة مجموعة من المواضيع المحورية التي تهم العلاقات بين البلدين، مثل “استراتيجيات القوة الناعمة والدبلوماسية المستقبلية”، و”دور الذكاء الثقافي وتبادل المعرفة كأدوات للتأثير”. كما تم بحث “تمثلات الذات والآخر في أدب الرحلات المغربي-البريطاني”، وهي نقطة هامة في إعادة فهم التفاعلات الثقافية بين الشعبين على مر العصور.

كما تم تناول أيضًا موضوع البعثات التعليمية المغربية إلى بريطانيا خلال العهد العلوي، والتي تمثل جزءًا من التاريخ المشترك بين البلدين. من خلال هذا الموضوع، تم الإضاءة على دور التعليم كأداة لبناء العلاقات الدولية وتعميق الفهم المتبادل بين الشعوب. وقد أضاف هذا البُعد التاريخي عمقًا كبيرًا للنقاش، مما ساعد على فهم أفضل لكيفية تطور العلاقات بين المغرب وبريطانيا على مر السنين.

وختامًا، يمكن القول أن هذه الندوة تمثل نموذجًا مثاليًا لكيفية استخدام الجامعات كمراكز دبلوماسية أكاديمية لتوسيع آفاق التعاون بين الدول. فمن خلال هذه المبادرات، يمكن للجامعات أن تساهم بشكل كبير في بناء جسور من الفهم المشترك وتقديم حلول مبتكرة لتحديات التعاون الدولي.

مشاركة