أصدر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، منشوراً جديداً يهدف إلى تحديث وتطوير العرض الوطني في مجال ترحيل الخدمات، ليعوض المنشور رقم 08/2022 ويوسّعه بحزمة من الإصلاحات التنظيمية والهيكلية، في خطوة تعكس رغبة المغرب في تكريس موقعه كوجهة تنافسية رائدة إقليمياً ودولياً في هذا القطاع الواعد.
وجاء في الإطار العام للمنشور أن المغرب، بتوجيهات ملكية سامية، تبنى خلال العقدين الأخيرين رؤية طموحة جعلت من قطاع ترحيل الخدمات (Offshoring) رافعة استراتيجية للنمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل المؤهلة. واستندت هذه الدينامية إلى نقاط قوة المملكة، من قبيل الموقع الجغرافي الاستراتيجي، ووفرة الكفاءات متعددة اللغات، والبنيات التحتية الرقمية المتطورة، فضلاً عن مناخ استثماري آخذ في التحسن.
وفي ظل الارتفاع العالمي المتسارع في الطلب على الخدمات الخارجية وتزايد المنافسة بين الدول، يرى المنشور أن المغرب يتمتع بمقومات قوية لتعزيز تموقعه، باعتباره قريباً من أوروبا ومتصلاً بالأسواق الإفريقية، ما يجعله منصة مثالية للشركات الراغبة في توسيع نطاق عملياتها.
ويأتي هذا التوجه المتجدد في إطار تنزيل رؤية “المغرب الرقمي 2030”، التي ترمي إلى زيادة الاستثمارات في القطاع الرقمي وخلق فرص شغل عالية القيمة، مع توقعات إيجابية بإحداث آلاف الوظائف ورفع عائدات القطاع في أفق سنة 2030.
تحفيزات جديدة… ومنحة للتشغيل بنسبة 17%
ويتضمن المنشور تعديلات نوعية في منظومة التحفيز، من أبرزها إحداث منحة تشغيل جديدة تمنح لكل منصب شغل دائم بنسبة 17% من الدخل الإجمالي السنوي الخاضع للضريبة، بشرط الاحتفاظ بالوظيفة لمدة لا تقل عن 18 شهراً. كما تم توسيع دعم التكوين ليُحتسب بنسبة 3.5% من الدخل الإجمالي السنوي، في توجه يرمي إلى تعزيز مهارات الكفاءات الوطنية واستجابة لمتطلبات الشركات العالمية.
كما جرى الإبقاء على اعتماد الشباك الوحيد داخل المنصات المندمجة، الذي يضم ممثلي المراكز الجهوية للاستثمار، والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، والجهة المدبرة للمنصة، بما يتيح تسريع المساطر وتقديم مواكبة فعّالة للمستثمرين.
تعزيز للحكامة… وتوسيع لصلاحيات اللجان
وعلى مستوى الحكامة، شهدت لجنة القيادة (COPIL) واللجنة التقنية لترحيل الخدمات (CTO) إعادة هيكلة شاملة. وتم حصر رئاسة اللجنة التقنية في القطاع الحكومي المكلف بالانتقال الرقمي، مع إضافة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى عضويتها، واعتماد نظام داخلي ينظم عملها وآليات اتخاذ القرار.
كما توسعت صلاحيات لجنة القيادة لتشمل تقييم وتحديث العرض الوطني، والمصادقة على تأهيل المنصات الصناعية المندمجة، والبت في الملفات الاستراتيجية المتعلقة بالتحفيزات.
أما اللجنة التقنية، فأنيطت بها مهام جديدة، من بينها دراسة ملفات الاستفادة من منحة التشغيل، والتدابير الجبائية المرتبطة بضريبة الدخل والضريبة على الشركات، إضافة إلى منح شهادات الأهلية لشركات ترحيل الخدمات سواء داخل المنصات أو خارجها.
تحفيزات جبائية موسّعة لضمان جاذبية مستدامة
ومن جانب آخر، حافظ المنشور على مجموعة من الامتيازات الجبائية الخاصة بضريبة الدخل (IR) والضريبة على الشركات (IS)، مع إدخال تعديلات طفيفة لتعميم الاستفادة وتحفيز الاستثمار في مختلف الجهات، دعماً للتنمية الجهوية وتقليص الفوارق المجالية.
خطوة استراتيجية في مسار التحول الرقمي
ويمثل هذا المنشور محطة مهمة في مسار تطوير قطاع ترحيل الخدمات بالمغرب، من خلال الجمع بين الحوافز المالية، وتبسيط المساطر، وتعزيز الحكامة، والرفع من جودة الرأسمال البشري. كما يؤكد التزام المملكة بمواصلة تحديث العرض الوطني تماشياً مع التوجيهات الملكية الرامية إلى ترسيخ موقع المغرب كقطب إقليمي بارز في الرقمنة والخدمات التكنولوجية المتقدمة.
بهذه الإصلاحات الجديدة، يفتح المغرب صفحة جديدة في تنافسية قطاع ترحيل الخدمات، في وقت يتزايد فيه الطلب العالمي على الموارد الرقمية عالية الكفاءة.

