حذر وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، من التأثيرات المتزايدة للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على مهنة المحاماة، مؤكدا أن التطور الرقمي لا يجب أن يكون على حساب الدور الإنساني للمحامي والمحاكمة العادلة.
وخلال افتتاح الندوة الوطنية للتمرين المهني التي نظمتها هيئة المحامين بالدار البيضاء أمس الجمعة 21 نونبر، أوضح وهبي أن مهنة المحاماة لطالما شكلت ركيزة أساسية في بناء العلاقة بين المواطن والقانون، وساهمت في بروز شخصيات سياسية مؤثرة وصياغة قواعد ممارسة السلطة عبر الاجتهادات القانونية.
وأكد الوزير أن المحامي يضطلع بمهمة “فارس الكلمة”، المسؤول عن تحويل المفاهيم القانونية المجردة إلى ترافع واقعي يخدم العدالة، مشددا على ضرورة الالتزام بالقيم المهنية والأخلاقية التي تميز المهنة.
وأشار وهبي إلى تحديات جديدة تواجه منظومة العدالة، وعلى رأسها الاستخدام المتزايد للأدلة العلمية والرقمية في الإثبات، مثل البصمات والفحوصات والتحليلات الإلكترونية. واعتبر أن هذا التحول قد يفتح الباب أمام مفهوم “القاضي الآلة”، بما قد يمس جوهر العدالة الإنسانية وحدود حرية الدفاع.
وفي السياق ذاته، انتقد الوزير الانتهاكات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي، خاصة نشر تفاصيل القضايا والمس بخصوصيات المتقاضين، محذرا من أن هذه الممارسات تشكل إساءة للمحاماة والقضاء على حد سواء. وكشف أن مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد ينص على تعيين ناطق رسمي باسم النيابة العامة لحماية صورة القضاة وضمان تواصل رسمي منضبط.
وعلى المستوى التشريعي، أعلن وهبي عن تقدم كبير في إعداد مشروع قانون المحاماة، بعد سلسلة اتفاقات مع جمعية هيئات المحامين والمصالح الحكومية. وأوضح أن المشروع سيعرض على مجلس الحكومة منتصف دجنبر المقبل، قبل إحالته إلى البرلمان، مشيرا إلى تنظيم لقاءات وأيام دراسية موسعة لتدارس مضامينه بمشاركة الخبراء والبرلمانيين.
واختتم وزير العدل مداخلته بالتأكيد على أن التمرين المهني للمحامي يظل مساراً مستمرا لا ينتهي، وأن التطور الحقيقي للمهنة يظل رهينا بترسيخ الأخلاق المهنية وحماية مكانة المحامي داخل منظومة العدالة.

