بقلم: عبد السلام اسريفي
لم تعد قضية الصحراء المغربية تحتمل أي التباس أو تردد في توصيف الواقع. فالمسودة الأخيرة لمشروع قرار مجلس الأمن الدولي جاءت لتضع النقاط على الحروف، مؤكدة أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 هي الحل الواقعي والعملي الوحيد لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء.
ومرة أخرى، وجدت الدبلوماسية الجزائرية نفسها في مواجهة عزلة سياسية متزايدة، بعد أن استنفدت كل أوراقها في محاولة للتشويش على هذا المسار الأممي الذي بات يميل بوضوح لصالح المغرب. فوزير خارجيتها، أحمد عطاف، لم يدّخر جهدًا في الاتصال بعدد من نظرائه في الدول الأعضاء بمجلس الأمن، أملاً في ثنيهم عن دعم المقترح الأمريكي الذي تبنى صراحة المرجعية المغربية. لكن، كما في كل مرة، انتهت التحركات الجزائرية إلى طريق مسدود.
ما يثير التساؤل حقًا هو إصرار النظام الجزائري على الانشغال بملف إقليمي خسر رهانه منذ زمن، بدل الانكباب على الأزمات البنيوية التي تعصف ببلاده — من طوابير الزيت والخبز، إلى ندرة الماء وضعف الخدمات الصحية والتعليمية. فبينما يواصل المغرب ترسيخ استقراره الداخلي عبر مشاريع تنموية ضخمة جعلت من مدن الصحراء نموذجًا في البنيات التحتية والعيش الكريم، ما زالت الجزائر تُهدر مواردها في معارك دبلوماسية عقيمة ضد منطق التاريخ والجغرافيا.
لقد أصبح واضحًا أن الجزائر لم تعد تعارض المغرب بقدر ما تعارض نفسها، إذ تجد صعوبة في التكيّف مع واقع سياسي جديد يتجه نحو الاعتراف بمغربية الصحراء كأمر محسوم. مجلس الأمن لم يفعل سوى ترجمة هذا التحول الدولي، عبر تأكيده أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يشكل الحل العادل والدائم للنزاع.
في النهاية، لن تغيّر الاتصالات ولا البيانات ولا حملات الضغط من الحقيقة الثابتة: المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها. أما الجزائر، فكلما تأخرت في استيعاب هذه الحقيقة، كلما ازدادت عزلتها في محيطها الإقليمي والدولي.

