الرئيسية آراء وأقلام وزير التعليم المغربي… المدرسة ليست مصنعًا للصور

وزير التعليم المغربي… المدرسة ليست مصنعًا للصور

IMG 2886
كتبه كتب في 17 أكتوبر، 2025 - 2:14 مساءً

صوت العدالة: محمد زريوح

منذ أكتوبر 2024، حين تسلم محمد سعد برّادة وزارة التربية الوطنية، بدأ الشارع المغربي يتساءل بصوت عالٍ: هل من الممكن أن يُدار التعليم بعقلية مصنع؟ الوزير جاء من عالم الحلوى والإنتاج التجاري، لكن يبدو أنه لم يفهم بعد أن المدرسة لا تُباع ولا تُشترى، وأن التلميذ ليس رقمًا في دفتر الحسابات.

اللقب الذي يلاحقه — “وزير المصّاصات” — يكشف عن فكر لم يغيّر من جذوره التجارية. من إنتاج الحلوى للأطفال إلى إدارة العقول، المفارقة تكشف كثيرًا عن أسلوبه: كل شيء يقاس بالأرقام، كل قرار يُحسب على هامش الربح والخسارة، وكل إنجاز يُوضع أمام الكاميرا قبل أن يُوضع في الصفوف الدراسية.

خطابه داخل البرلمان واللقاءات الرسمية يفضح الأمر أكثر. لغة باهتة، أفكار متقطعة، كلمات تخرج بلا وزن، كأننا أمام مدير مبيعات يروّج لمنتج، لا وزير مكلف بمستقبل أجيال. حتى محاولاته الإعلامية لتجميل صورته لم تفلح؛ الخطاب ما زال جامدًا، بلا رؤية، بلا روح، بلا أي شعور بالمسؤولية التربوية.

جيل Z المغربي رفع الصوت، وكأنه يصرخ في وجه الوزارة: “هل التعليم في المغرب أولوية فعلًا؟” شباب خرجوا يطالبون بمدارس مجهّزة، ببرامج تعكس زمنهم، لا زمن المقررات القديمة. الرد كان باردًا، بيروقراطيًا، وكأن الوزارة تتعامل مع أزمة اتصالات، لا مع أزمة ثقة في مستقبل الأمة.

الإصلاحات التي أعلنها الوزير كانت مجرد واجهة: حملات إعلامية، صور مبهرة، ولقاءات مصوّرة. الواقع على الأرض مختلف: مدارس مكتظة، أساتذة بلا تحفيز، وهدر مدرسي يتزايد سنويًا. إدارة التعليم عنده باتت على طريقة السوق: الصورة أولًا، المحتوى لاحقًا… إن وُجد.

الأزمة ليست في الموارد، بل في القيادة. الوزير يتصرف وكأن وزارته مشروع شخصي، بعيد عن النقابات، بعيد عن من يعيشون التحديات يوميًا في الأقسام. قرارات فوقية واستراتيجيات مكتبية تُطبخ بعيدًا عن الواقع، والنتيجة؟ تعليم في حالة ارتباك دائم.

التعليم المغربي اليوم بحاجة إلى قائد تربوي، لا مدير تجاري. يحتاج من يعرف أن الكلمة في الفصل أهم من الصورة على الشاشات، وأن نجاح الوزير يُقاس بعدد الأطفال الذين يجدون في المدرسة أملهم، لا بعدد البيانات الصحفية وحملات التواصل.

محمد سعد برّادة ما زال يخلط بين السوق والعلم، بين الإدارة والتربية، بين الصور والواقع. المدرسة ليست مشروعًا استثماريًا، وكل محاولة لإدارتها بعقلية المصنع ستزيد الفوضى، وتبعد الثقة عن النظام التعليمي.

إذا استمر الوزير على هذا النهج، فسيسجّله التاريخ كمن جاء لإصلاح التعليم، لكنه زاد الفوضى والارتباك، مؤكّدًا أن المدرسة تحتاج إلى روح تربوية أكثر من أي حملة مصوّرة أو بيان رسمي.

مشاركة