أظهرت معطيات حديثة صادرة عن جمعية “سمسم – مشاركة مواطنة” أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لم تتفاعل إلا مع أقل من نصف الأسئلة البرلمانية التي وجهها إليها نواب الأمة خلال الولاية التشريعية الحالية (2021-2026)، في مؤشر يعكس استمرار ضعف التواصل بين الحكومة والبرلمان في قطاع يعتبر من أكثر القطاعات حساسية لدى المواطنين.
ووفق التقرير، فقد بلغ مجموع الأسئلة التي طرحها أعضاء البرلمان على مختلف القطاعات الوزارية قرابة 40 ألف سؤال، منها 4113 سؤالا خصصت لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أي ما يعادل 10.32 في المائة من إجمالي الأسئلة البرلمانية، ما يبرز المكانة المركزية التي يحتلها الملف الصحي ضمن أولويات العمل التشريعي والرقابي.
لكن رغم هذا الاهتمام الكبير، لم تتجاوز نسبة الأجوبة التي قدمتها الوزارة 42.2 في المائة، إذ لم ترد سوى على 1736 سؤالا من أصل الأسئلة الموجهة إليها، وهو ما أثار ملاحظات عدة حول محدودية التفاعل الحكومي مع مبادرات الرقابة البرلمانية.
أفاد التقرير بأن الأسئلة توزعت بين 2740 سؤالا كتابيا و1373 سؤالا شفويا، تناولت مواضيع مرتبطة أساسا بنقص الموارد البشرية، وضعف البنيات التحتية الاستشفائية، وإشكالات تدبير المستشفيات، بالإضافة إلى ملفات التغطية الصحية والأدوية.
وجاء الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية في صدارة الفرق من حيث عدد الأسئلة الكتابية بـ524 سؤالا، متبوعا بـالأصالة والمعاصرة بـ416 سؤالا، ثم الاستقلالي للوحدة والتعادلية بـ407 سؤالا، والتجمع الوطني للأحرار بـ233 سؤالا.
كما قدم الفريق الحركي 328 سؤالا، والتقدم والاشتراكية 248 سؤالا، بينما كانت مساهمة الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي محدودة بـ18 سؤالا فقط، مقابل 23 سؤالا لجبهة القوى الديمقراطية، وسؤال واحد للحزب الاشتراكي الموحد، وسؤالين للمؤتمر الوطني للاتحاد.
أما في ما يتعلق بالأسئلة الشفوية، فقد احتل فريق الأصالة والمعاصرة المرتبة الأولى بـ455 سؤالا، متبوعا بـالتجمع الوطني للأحرار بـ226 سؤالا، ثم الفريق الاشتراكي بـ230 سؤالا، والاستقلالي بـ177 سؤالا، والحركي بـ92 سؤالا، في حين وجه فريق التقدم والاشتراكية 78 سؤالا، والعدالة والتنمية 74 سؤالا، وجبهة القوى الديمقراطية 13 سؤالا فقط.
وأكدت الجمعية أن هذه الأرقام تعكس ضعف تجاوب الحكومة مع الرقابة البرلمانية، معتبرة أن محدودية الأجوبة تضعف من فعالية العمل التشريعي ومن قدرة البرلمان على تقييم السياسات العمومية، خاصة في قطاع حيوي كقطاع الصحة الذي يهم حياة المواطنين اليومية.
كما شددت “سمسم” على ضرورة تحسين قنوات التواصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وضمان التفاعل المنتظم مع الأسئلة البرلمانية في آجال معقولة، بما يعزز مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ويرفع من جودة النقاش السياسي حول السياسات الصحية العمومية.
ويأتي هذا التقرير في سياق تتزايد فيه الدعوات إلى مأسسة الرقابة البرلمانية وجعلها أكثر نجاعة، خصوصا في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها المنظومة الصحية الوطنية، من قبيل الخصاص في الموارد البشرية، ومحدودية العرض الصحي في العالم القروي، وتعميم التغطية الصحية الشاملة.

