الرئيسية أخبار عالمية فقط في الجزائر.. ثمانية أطفال في مواجهة البحر… هروب من الموت والى الموت وحلم مؤجل وحياة على حافة الخطر

فقط في الجزائر.. ثمانية أطفال في مواجهة البحر… هروب من الموت والى الموت وحلم مؤجل وحياة على حافة الخطر

Screenshot 2025 09 07 23 01 27 756 com.zhiliaoapp.musically edit
كتبه كتب في 7 سبتمبر، 2025 - 11:14 مساءً

بقلم: عبد السلام اسريفي
ليلة مظلمة، هدوء يلف المكان، وصوت أمواج يضرب أطراف الميناء الجزائري الصغير. في زاوية معزولة، ثمانية أطفال لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة، يتبادلون نظرات القلق والخوف، لكن شيئاً ما أقوى من الخوف يدفعهم إلى الأمام: الرغبة في الرحيل. لم يحملوا معهم طعاماً ولا دواء، فقط بعض الملابس الخفيفة وقارباً مسروقاً، ليكون وسيلتهم نحو “الحلم الإسباني”.
مع أول دفعة من المجاديف، انطلق القارب في عرض البحر. لم يلتفتوا خلفهم، لم يودعوا أحداً، فقط تركوا صمتاً ثقيلاً في بيوت ذويهم. كانوا يعلمون أن البحر غادر، لكنهم كانوا مقتنعين أن البقاء في وطن بلا مستقبل أشد قسوة من الغرق.
بعد ساعات من الإبحار، ضرب القارب أول عطب. تعالت الهمسات المرتبكة: “انتهى كل شيء”. لكنهم رفضوا الاستسلام. بأيدٍ صغيرة مرتجفة، حاولوا إصلاح المحرك، ونجحوا بشكل بدائي. عاد الأمل لثوانٍ، ليخونه القارب من جديد. خمس مرات تعطّل، وخمس مرات حاولوا ترقيعه بما توفر لديهم. كل مرة كانت تجربة موت مؤجلة، لكن قلوبهم الصغيرة لم تعرف سوى العناد.
على وجوههم امتزج العرق بالدموع والملح، وعلى أكتافهم ثقل يفوق أعمارهم. أحدهم قال: “نموت هنا أو نعيش هناك… لا شيء أسوأ من أن نكبر بلا مستقبل”. كلمات تختصر وجع جيل بأكمله، جيل يبحث عن حياة كريمة، حتى لو كان الثمن رحلة محفوفة بالموت.
تسع ساعات كاملة من التيه، لم يأكلوا شيئاً، لم يشربوا إلا قطرات ملوحة البحر. كل دقيقة كانت اختباراً للإرادة والنجاة، وكل موجة كانت صفعة من القدر. ومع ذلك، ظلوا متمسكين بالحلم، كأن أعينهم معلقة بشاطئ بعيد لم يصلوا إليه إلا بعد تسع ساعات، ليرتموا في حضن مستقبل آخر، قد يكون أكثر غموضا…
قصة هؤلاء الأطفال ليست مجرد حادثة هجرة سرية. إنها مرآة لبلد طارد لأبنائه، حيث حتى القاصرين يختارون مواجهة المجهول بدل البقاء في واقع يسرق منهم الطفولة والأمل.

مشاركة