تعيش جماعة سيدي علي الكراتي التابعة لإقليم الصويرة حالة من الغليان الاجتماعي، على خلفية الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب وضعف الصبيب الذي بات يُنهك يوميات الأسر، خاصة في ظل الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة وتزايد الطلب على هذه المادة الحيوية.
الساكنة عبّرت في أكثر من مناسبة عن استيائها العميق من التدبير المعتمد من طرف الشركة متعددة الخدمات بمركز تالمست، والتي فُوِّض إليها تسيير هذا المرفق الحيوي. فبدل أن يشكل التفويض ضمانة لجودة الخدمة، أضحى مصدر معاناة حقيقية، حيث يضطر المواطنون في كثير من الأحيان إلى اللجوء إلى موارد بديلة متعبة ومرتفعة الكلفة.
الإطار القانوني والدستوري لحق الماء
ينص دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في فصله 31 على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على “تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في… الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة”.
كما أن القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوَّض للمرافق العمومية يحدد التزامات الشركات المفوَّضة، على رأسها ضمان استمرارية وجودة الخدمات، تحت مراقبة السلطات المفوِّضة. وهو ما يثير سؤالاً مركزياً: أين تقع مسؤولية الشركة المفوَّضة، وأين دور الجهة الوصية في المراقبة والتتبع؟
تصاعد الاحتجاجات.. إنذار مبكر
في ظل تفاقم الأزمة دون مؤشرات واضحة على حل قريب، أعلن عدد من أبناء الجماعة عن استعدادهم لتنظيم مسيرة احتجاجية سلمية على الأقدام نحو مقر عمالة الصويرة، في خطوة رمزية تهدف إلى كسر جدار الصمت وإسماع صوتهم للمسؤولين، والتأكيد على أن الماء ليس امتيازاً، بل حقاً دستورياً لا يقبل المساومة.
بين سوء التسيير والمسؤولية المجتمعية
يرى متتبعون أن ما يجري يدخل في صميم سوء التسيير وغياب الحكامة في تدبير مرفق عمومي أساسي، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى التزام الشركة بتعهداتها التعاقدية. كما أن استمرار هذا الوضع يهدد بفقدان الثقة في آليات التدبير المفوض، التي أُنشئت أساساً لتحسين الخدمات، لا لإنتاج أزمات جديدة.
مطالب واضحة وحلول منتظرة
مطالب الساكنة لا تتعدى ما يكفله لهم الدستور والقانون:
تزويد منتظم ودائم بالماء الصالح للشرب.
تفعيل الرقابة المؤسساتية على الشركة المفوَّضة.
تدبير شفاف ومسؤول يضع كرامة المواطن فوق أي اعتبار.
إن أزمة سيدي علي الكراتي ليست مجرد مشكل تقني عابر، بل اختبار حقيقي لقدرة المؤسسات على احترام الحقوق الدستورية للمواطنين، وضمان استمرارية المرافق العمومية وفق مبادئ الحكامة الجيدة والمسؤولية المجتمعية.

