بقلم/ هشام الصميعي
وضع خطاب جلالة الملك بمناسبة عيد العرش المجيد الأصبع على نقطة الضوء العثماء بخطاب يمتح من الواقعية السياسية وتشريح الوضع الذي يجتازه المغرب سواء على المستوى الإقتصادي أو الإجتماعي وفق مقاربة تجد في جرد الحصيلة إعلانا عن ما جسدته الإنتاجية التراكمية، دون إغفال مكامن النقص التي تعتري جوانب من حياة المجتمع المغربي الذي يجتاز مرحلة بين تفاؤل النهضة الاقتصادية و العمرانية وبين محدودية بعض القطاعات الوزارية والفوارق المجالية.
فالمغرب يمضي بسرعتين بين محوري سرعة على النقيضين كما أكد خطاب الملك ، التي تجسدها المشاريع الكبرى من بناء المطارات الموانئ والملاعب القطارات الفائقة السرعة والصناعات المتطورة في إطار المشاريع الماكرو اقتصادية التي كان لها السبق في امتصاص البطالة ووضع حد للتضخم المالي الذي عصف باقتصادات بلدان عربية وفق معادلة نظرية الإقتصاد الكينزي التي تحبد الرفع من مستوى الإنفاق العام لامتصاص التضخم المالي، نفس المغرب يمضي بسرعة متدنية في ما يتعلق بالمقاولات الصغرى وواقع الإنتاجية المتدبدب في الاقتصاد المحلي وكذلك على مستوى الحد من الفوارق الاجتماعية و الإنفاق الإجتماعي مع تدني دخل الأسر ومحدودية الخدمات وبطئها في مرافق الصحة والإدارة.
ولعل تحفيز الإقتصاد التشاركي بسن قانون لتشجيع المقاولات الصغرى وتحفيز الجامعات و المعاهد العلمية على الابتكار والإبداع وتخصيص ميزانية للبحث العلمي وتحفيز البعثاث الجامعية واستعادة الأطر المغربية التي يستفيد منها الغرب كلها تدابير من شأنها استعادة روح القطاع الميكرو اقتصادي وإعطاء مكانة للمقاولة المغربية الصغرى في الإنتاجية بالرفع من مستوى الدخل والناتج الداخلي .
السرعة البطيئة التي يمضي بها القطاع الاجتماعي بسبب الهشاشة والفقر وتدني القدرة الشرائية نفترض إجرائين، التسريع في أوراش التنمية البشرية التي كانت نبراسا لعبقرية ملك واستحدات صندوق لإعالة الأسر الفقيرة والأرامل وتكفل الدولة بدراسة الأيتام والفتاة في وضعية صعبة بمنح، واحداث صندوق للتعويض عن فقدان الشغل سواء في الوظيفة العمومية او في القطاع الخاص على أن يبقى هذا القطاع سيادي بعيدا عن أي حزب.
لقد أعطى ورش التغطية الصحية جوهرا عن المجتمع التضامني بدون فوارق عندما يتعلق الأمر بالصحة و الذي تسعى الملكية الإجتماعية إلى ترسيخه لتجسيد قاعدة اجتماعية منسجمة، لكن هذا الورش ظل يعاني من بطئ في تنزيله دونما الآمال العريضة التي علقت على هذا المشروع الملكي الرائد في مجال العدالة الإجتماعية.
من جانب أعطى الخطاب الملكي لحظة تفكير لوضع ميكانيزمات وبرامج للحد من الفوارق المجالية سواء داخل المدن أو بين الجهات، وتنامي تهميش القرى والمداشر ولعل سن سياسة مجالية مندمجة وفق تسطير الأولويات والعمل على ربط المخصصات المالية للجهات و مجالس الجهة بضرورة وضع مخططات استعجالية لتدبير المناطق التي تعاني من هشاشة البنيات، في مستوى جرد الواقع المعاش للساكنة كفيل بالنهوض بهذه المناطق.
إن الخطاب الملكي وضع النخب المسيرة في وضع غير محسود عليه بجرأته وبخطاب الواقعية، فهو يحمل معنين الاشادة بالمنجزات والإشارة للنقائص دون أن ينظر فقط للجزأ الممتلأ من الكأس، لذلك فالبداية يجب أن تكون برجة داخل النخب السياسية لتأهيل هذه النخب وجعلها في مستوى تطلعات صاحب الجلالة نصره الله وفي مستوى تطلعات الشعب المغربي ونهضة المغرب الحديث.

