بقلم..عبد السلام اسريفي
في خضم أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة يعيشها المواطن الجزائري، يثير النظام الحاكم في البلاد جدلاً واسعًا بسبب ما يعتبره كثيرون “تبذيرًا غير مبررًا” للمال العام في ملفات خارجية لا تعود بأي نفع ملموس على الشعب.
ففي الوقت الذي يصطف فيه المواطنون في طوابير طويلة للحصول على أبسط المواد الأساسية كالحليب والزيت وحتى البيض، وفي ظل ندرة المياه الشروب وارتفاع أسعار العدس والخبز، يواصل النظام الجزائري ضخ مئات الملايين من الدولارات في اتجاهات خارجية مثيرة للجدل.
الجزائر قدمت، حسب ما تم تداوله، مساعدات مالية بقيمة 200 مليون دولار للبنان تحت غطاء دعم إعادة الإعمار، ومبلغًا فاق 5 مليارات دولار لتونس في شكل مساعدات اقتصادية، ناهيك عن إلغاء ديون بمليار دولار لصالح دول إفريقية. أما الصرف المستمر على جبهة البوليساريو فيُقدر بمليارات الدولارات على مدار السنوات، دون أي عائد استراتيجي واضح سوى تعميق الخلافات في المنطقة المغاربية.
هذه المبالغ الضخمة أثارت سخط المعارضة الجزائرية بالخارج، التي اعتبرت أن ما يجري يعكس فوضى مالية وإدارية تعكس سوء تدبير للثروات الوطنية، ومقايضة سياسية مكلفة على حساب كرامة المواطن.
وترى المعارضة أن هذه السياسات تخدم أجندات النظام العسكري الحاكم، الذي يسعى لشراء الذمم الدولية وتلميع صورته الخارجية، بينما يُهمّش الداخل ويقمع الأصوات الحرة التي تطالب بإصلاح سياسي جذري وقيام نظام مدني منتخب ديمقراطيًا.
في المقابل، يواصل النظام اتباع سياسة الترهيب والترغيب، عبر تكميم الأفواه، وتلفيق التهم، واعتقال الناشطين، في محاولة لإسكات كل من يتجرأ على انتقاد الوضع أو المطالبة بالتغيير.
ويرى عدد من المحللين والمتتبعين أن الجزائر تقف على شفا انهيار اقتصادي واجتماعي، إذا لم تتم مراجعة الأولويات الوطنية وتوجيه الثروات لخدمة المواطن أولاً. كما أن الاستمرار في استنزاف الخزينة في صراعات إيديولوجية ومشاريع خارجية غير منتجة قد يُسرّع من تفكك منظومة الحكم، خاصة في ظل الوعي المتزايد لدى شرائح واسعة من الشعب.
إن الأسئلة المطروحة بإلحاح اليوم داخل وخارج الجزائر هي:
إلى متى سيستمر هذا النهج؟ وهل آن الأوان ليستعيد الشعب الجزائري قراره السيادي ويتحكم في ثرواته؟

