أنس خالد | صوت العدالة
بين أحلام العطلة الصيفية وأكوام النفايات، يجد الزائر نفسه في مدينة السعيدية هذا العام حائرًا بين مناظر طبيعية ساحرة وروائح كريهة تُفسد كل شيء. المدينة التي تُعرف بـ”لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط” تحوّلت في عز الموسم السياحي إلى مزبلة مفتوحة، في مشهد يُثير القلق ويطرح أكثر من سؤال حول من المسؤول عن هذه الفضيحة البيئية المتكررة.
لم يعد شاطئ السعيدية وجهة للراحة والاستجمام، بل بات رمزًا للفوضى البيئية، حيث تنتشر القمامة في كل زاوية، من الرمال إلى الأرصفة، دون أي تدخل يُذكر من الشركة المكلفة بتدبير قطاع النظافة، التي يبدو أنها اختارت “الاختفاء” في ذروة الموسم السياحي. صور وفيديوهات صادمة وثقها الزوار والمصطافون تُظهر حجم الكارثة، وانتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يُهدد سمعة المدينة داخليًا وخارجيًا.
جريدة صوت العدالة تلقت عشرات الشكاوى من مواطنين قرروا قضاء عطلتهم بالسعيدية، فإذا بهم يصطدمون بواقع صادم. أحياء بكاملها تُغطيها النفايات، حاويات ممتلئة منذ أكثر من أسبوع، وروائح تزكم الأنوف وتُجبر السكان على إغلاق نوافذ منازلهم طيلة اليوم. “كأننا نعيش وسط مزبلة، وليس في مدينة سياحية”، يقول أحد المواطنين الغاضبين.
الغياب التام لعمال النظافة في ظل تكدس النفايات يثير علامات استفهام كبيرة حول أداء الشركة المفوض لها تدبير القطاع، والتي تكتفي – كما يبدو – بوجودها على الورق، دون أي حضور فعلي على أرض الواقع. والمثير للاستغراب أن الجهات المسؤولة، من مجلس بلدي وسلطات محلية، تلتزم صمتًا مريبًا، وكأن الأمر لا يعنيها.
السعيدية ليست مجرد مدينة ساحلية، بل ركيزة أساسية من ركائز السياحة في جهة الشرق، ومصدر رزق لآلاف الأسر. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الموسم الصيفي لهذه السنة لن يكون فقط فاشلًا، بل قد يُشكل ضربة موجعة لقطاع السياحة مستقبلاً، خصوصًا بعد ما خلفه من صور سلبية تناقلها الإعلام الوطني والدولي.
عدد من الفاعلين الجمعويين دقوا ناقوس الخطر، مؤكدين أن ما يحدث في السعيدية هذا الصيف هو نتيجة “تدبير فاشل ومشبوه” لقطاع النظافة، مطالبين بفتح تحقيق عاجل في كيفية صرف الميزانية المخصصة لهذا القطاع، ومحاسبة كل المتورطين في هذه المهزلة التي أضرت بالمدينة وسكانها وزوارها.
في الختام، تبقى الكرة اليوم في ملعب السلطات المحلية والمجالس المنتخبة، التي مطالبة بالخروج من صمتها وتحمّل مسؤولياتها كاملة. السعيدية تستحق الأفضل، لا أن تُختزل في موسم صيفي تُغرقه الأزبال وتُشوهه اللامبالاة.





