الرئيسية أحداث المجتمع مسلسل طمس الرمزية التاريخية والنضالية لقبائل أيت بعمران ومسؤولية الجميع في حماية الذاكرة الجماعية وضمان عدم المساس بها

مسلسل طمس الرمزية التاريخية والنضالية لقبائل أيت بعمران ومسؤولية الجميع في حماية الذاكرة الجماعية وضمان عدم المساس بها

IMG 20250724 WA0139
كتبه كتب في 24 يوليو، 2025 - 11:29 مساءً

بقلم : عمر بنعليات فاعل جمعوي و حقوقي بالديار المهجر

باسم الحق، وباسم التاريخ، وباسم أجيال من المقاومين والمجاهدين الذين وهبوا أرواحهم من أجل حرية هذا الوطن واستقلاله، نتقدم بهذه المرافعة دفاعًا عن إرث قبائل أيت بعمران وتضحياتها في مواجهة الاستعمار الإسباني، واستحضارًا لمسؤولية الدولة والمجتمع في صيانة هذه الذاكرة.

إن قبائل أيت بعمران خاضت نضالًا شرسًا ضد الاستعمار الإسباني، وشاركت في معارك بطولية لا يُمكن محوها من الذاكرة الوطنية، أبرزها:

معركة 23 نونبر، الهجوم الكاسح على مواقع المستعمر الإسباني ومحاصرته في مدينة سيدي إفني.

حدث 30 يونيو، الذي يمثل الاسترجاع الرسمي للمدينة إلى حظيرة الوطن، والذي كان يعتبر احتفالًا وطنيًا وشعبيًا بامتياز.

هذان الحدثان وغيرهما كانا يُخلّدان عبر مواسم شعبية، احتفالات رمزية، وأنشطة ثقافية وتراثية تعبّر عن ارتباط القبائل بتاريخها واعتزازها بتضحياتها.

للأسف، ومنذ ما يزيد عن عقد من الزمن، لاحظنا بقلق كبير سلسلة من الممارسات التي ترقى إلى محاولة ممنهجة لطمس الذاكرة التاريخية لقبائل أيت بعمران، تمثلت في:

إفراغ الاحتفال بذكرى 30 يونيو من محتواه الرمزي وتحويله إلى نشاط بروتوكولي رتيب لا يتجاوز اجتماعًا في قاعة عمومية تتلى فيه خطب جوفاء.

استبدال المواسم التاريخية بمهرجانات تجارية لا علاقة لها بتاريخ المقاومة أو ذاكرة الاستقلال، مثل مهرجانات “قوافل” و”تثمين شجرة الأركان”.

تهميش المقاومين الأحياء وحرمانهم من المشاركة الفعلية في تخليد نضالهم، والاكتفاء باستدعاء رمزي لمندوب المقاومة لإلقاء كلمة نمطية.

إن ما يحدث اليوم هو خرق واضح للدستور المغربي، الذي ينص في ديباجته على ضرورة صيانة الذاكرة الوطنية، كما يتعارض مع:

الفصل السادس من قانون هيئة الإنصاف والمصالحة الذي ينص على واجب الدولة في حفظ الذاكرة التاريخية للمقاومة.

الظهير الشريف 1.76.514 المتعلق بإحداث المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والذي يكرّس مهمة التوثيق والتخليد لا التهميش والنسيان.

المواثيق الدولية، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يقر بحق الشعوب في الاحتفاظ بذاكرتها التاريخية.

وعليه فعلى جميع مكونات المجتمع المدني ونخبة المنطقة واعيانها العمل على:

  1. إعادة الاعتبار الرسمي للاحتفال بذكرى 30 يونيو و23 نونبر كمناسبتين وطنيتين ذات طابع نضالي وتاريخي.
  2. وقف كل أشكال المسخ الرمزي والتجاري للذاكرة البعمرانية عبر مهرجانات تفرغ النضال من مضمونه.
  3. إشراك المقاومين وأبنائهم وهيئات المجتمع المدني البعمراني في تخطيط وتنظيم الاحتفالات التاريخية.
  4. إدراج نضال قبائل أيت بعمران في المقررات الدراسية الوطنية، كما هو الشأن بالنسبة لملحمة أنوال وثورة الريف.
  5. فتح تحقيق وطني حول مسار إفراغ الذاكرة التاريخية لأيت بعمران من مضمونها الحقيقي، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، سواء عن وعي أو نتيجة الإهمال.

ختاما ندكر الجميع إن التاريخ ليس ملكًا لأحد، بل هو ملك الشعب، وطمسه أو تشويهه هو انتهاك لحق الأجيال القادمة في معرفة الحقيقة. لسنا هنا لنُحمّل فقط المسؤولية، بل لندعو إلى اليقظة الجماعية من أجل حماية الإرث الرمزي والنضالي لقبائل أيت بعمران، الذين لولاهم، لربما كنا اليوم نحتاج إلى تصاريح دخول وخروج من أراضٍ سُقيت بدمائهم الزكية.

30 يونيو ليس مجرد حفل شاي أو مناسبة عابرة، بل هو موعد مع الشرف والكرامة، مع التضحيات الخالدة، ومع هوية راسخة في وجدان قبائل آيت باعمران.
فبأي حق، وبأي منطق، تُمنَح صلاحية تغيير هذا الموعد التاريخي لجرة قلم أو اجتماع مغلق؟
أيعقل أن يُعبَث بتاريخ نُقِش بدماء الشهداء وذاكرة المقاومة بكل هذه السهولة؟!

مشاركة