بقلم:إدريس قدّاري /فاعل مدني وإعلامي
سنجد أنفسنا، ما بعد الحجر الصحي، ملزمين، في إمتحانات حقيقية، بالإجابات العملية والتاريخية، بعد سلسلة الدروس والفروض التي شاركنا فيها جميعا، كل من موقعه، أثناء انتشار جائحة كورونا..
فبعد الإجماع التاريخي الذي حققه المغرب، حكومة ومحكومين، على مستوى تقارب مفاهيم، وتضامن، وتسريع قوانين، وتعايش، وانضباظ… (بالمفاهيم العامة دون الاستثناءات).
يبقى المستقبل مرهون بمدى جدية المتدخلين في إنجاح الطفرة النوعية لمغرب ما بعد كورونا، والنجاح في الإمتحان النوعي والتاريخي لبناء المغرب الآخر الممكن والمتسع للجميع، كما قلنا في كتاباتنا السابقة.
فبعدما سيرفع الحجر، لن يكون يسيرا العودة إلى الحياة الطبيعية وتحريك عجلة الإقتصاد الوطني، المبني على تنقل الأشخاص والبضائع بين الجهات، مما سيفرص الإستمرار في الإجراءات الاحترازية والمراقبة المستمرة للحيلولة دون وقوع انزلاقات صحية، خصوصا مع استمرار انتشار كوفيد-19 ووجود بؤر منتعشة، وهو ما سيفرض استمرار حالة الطوارئ الصحية والإبقاء عليها لبعض الوقت، كما يقول بعض العارفين.
كما سنجد أنفسنا مضطرين، للاستمرار في أخذ الاحتياطات الوقائية القبلية التي تعلمناها منذ حلول الفيروس؛ عبر الممارسات اليومية؛ إرتداء الكمامات وإتباع طرق النظافة والتعقيم ومسافة الأمان وتجنب التجمعات العمومية ومنع اختلاط الحالات المشتبه فيها…
وبأهمية هذه الإجراءات، التي باتت في الروتين اليومي، ومختلف الإجراءات الوقائية الضامنة للصحة العامة. تطرح أسئلة المستقبل وتتكاثف علامات الإستفهام عن العدة والخطط التي سيواجه بها المغرب مستقبله القريب لإستعادة عافيته؟؟!!
فهل سيستفيد المخططون من الأخطاء الماضية، للتخطيط السليم لبناء الدولة الحديثة الديقراطية، منبث الحقوق والواجبات، والعدالة الإجتماعية والمجالية؟
هل سيأخذ بعين الإعتبار المبرمجون صيحات مختلف الهيآت الإستشارية المدنية والحقوقية والسياسية والفعاليات الديقراطية، لصيانة مكتسبات الوطن، والخروج من مظاهر أزمات القطاعات المختلفة، وخصوصا الحيوية منها؟
هل ستنحى باقي القطاعات والمؤسسات منحى الإدارة العامة للأمن الوطني، التي خصصت منحة خاصة لرجال الشرطة مكافأة لهم على المجهودات المبذولة وظروف العمل في زمن كورونا؟
هل سيرد الإعتبار المعنوي لمختلف جنود الساحة الذين ظلوا ساهرين لتقديم مختلف الخدمات للمواطنين/ات وللبلاد في زمن الجائحة؟
هل ستبقى سارية الوجود مختلف الدعوات إلى التعاون والتآزر، كسمة طبيعية لدى مكونات المجتمع؟
هل ستتبلور مختلف المبادرات التحسيسية والفكرية والتحليلية، التي أطلقت من هنا وهناك، بألوانها الزاهية؟
هل سيرد الإعتبار للعمل الجمعوي والعمل السياسي… الجادين، وفسح المجال للتأطير المطلوب الهادف لتكريس مفهوم المواطن(ة) المساهم والمشارك(ة) وليس الإبقاء على المواطن(ة) المستهلك(ة)؟
هل سيبقى المواطن(ة) منظبطا/ة لتيسير التواصل والبحث، الجماعي، عن المخرجات والحلول البديلة لمختلف المعظلات القائمة؟
لن نزيد الغابة الإستفهامية المزيد من “الهلهلات” والتساؤلات، أكثر من كثافتها، لكن تأملاتنا تفرضها هواجسنا من العبث واختيار البعض “العطلة” والراحة من تعب كورونا، وترك الجمل بما حمل، تخوفاتنا من عدم استثمار الطاقة الخلاقة التي أظهرها الشعب المغربي المكلوم وكل الكوادر الغيورة والعاشقة بحب الوطن.
ولنا موعد مع الإمتحانات المقبلة بروح نضالية وغيرة وطنية…
وبالتوفيق والسداد للجميع.

