الرئيسية أحداث المجتمع بين الكوارث والاحتفالات… أين تدخل الحكومة الغائبة من مآسي الحوز وفاجعة فاس وفيضانات آسفي؟

بين الكوارث والاحتفالات… أين تدخل الحكومة الغائبة من مآسي الحوز وفاجعة فاس وفيضانات آسفي؟

IMG 20251220 WA0009
كتبه كتب في 20 ديسمبر، 2025 - 9:23 صباحًا

أبو إياد / مكتب مراكش

بين الذاكرة والاحتفال… كيف نعيش المآسي ونبحث عن الفرح؟
ما إن تقع كارثة، طبيعية كانت أو من صنع الإنسان، حتى تهتز المشاعر وتعلو الأصوات. نكتب بغضب، نندد، نطالب بالمحاسبة، ونرفع شعارات ربط المسؤولية بالمحاسبة. نغرق مواقع التواصل بالتدوينات، نحاكم بالكلمات، ونستحضر الضمير الجمعي كأنه في حالة استنفار دائم. نبكي على واقع قاسٍ لا يرحم، ونقسم أن الذاكرة لن تخون هذه المرة.
ثم… شيئاً فشيئاً، تخفت الأصوات، تُطوى الملفات، وتنسحب الأضواء. يبقى الضحايا وحدهم في الواجهة، فيما تعود الحياة إلى عادتها القديمة، وكأن الألم كان محطة عابرة.
هذا المشهد تكرّر بقسوة بعد زلزال الحوز، حين اهتزت الأرض وانهارت البيوت، وبقيت قرى كاملة تعاني آثار الفقد والتشريد. وتكرر مرة أخرى مع فاجعة مدينة فاس، إثر سقوط عمارتين وما خلفته الحادثة من صدمة وأسئلة موجعة حول السلامة والمسؤولية. ولم يكن بعيداً عن ذلك ما عاشته مدينة آسفي من كارثة فيضانات خلّفت خسائر بشرية ومادية، وعرّت هشاشة البنية والتدبير أمام غضب الطبيعة.
في خضم هذه المآسي، يظهر من يمد يده بصدق، ومن يفعل ذلك أمام عدسات الكاميرا، ومن يربط قوافل “الخير” بحسابات انتخابية أو طموحات سياسية. تتداخل النوايا، وتضيع الحقيقة بين فلاشات الصور وشعارات الإحسان. غير أن السؤال الجوهري يظل: من استفاد؟ من وجد يداً ممدودة وسط الخراب؟
فالجوع لا يسأل عن نوايا من أشبعه، والبرد لا يبحث في خلفية من أدفأه.
ثم تأتي لحظة أخرى، كفوز المنتخب المغربي بكأس أو تحقيق إنجاز رياضي، فيتحول الحزن إلى احتفال، ويعلو صوت الزغاريد فوق أنين الأرواح. ننسى، أو نتناسى، نرقص فوق الرماد، ونرفع راية الوطن عالياً، كما لو أن شيئاً لم يكن.
فهل هذا نفاق جماعي؟
أم أننا فقط بشر، نعيش التناقض بكل ثقله؟ نفرح ونحزن، نلعن ونصفق، ننتقد ، نحاسب بالكلمات ونبحث عن متنفس للروح؟
ربما لسنا منافقين… ربما أنهكتنا كثرة الوجع، فصرنا نطلب الفرح من أي نافذة تُفتح أمامنا، ولو كانت صغيرة ومؤقتة. لكن الذاكرة، مهما تعبت، مطالبة بألا تنسى. لأن المآسي لا تُقاس بمدى الضجيج الذي تثيره، بل بقدرتنا على تحويل الألم إلى وعي، والغضب إلى فعل، والحداد إلى التزام دائم بألا يتكرر ما حدث في الحوز، ولا في فاس، ولا في آسفي.

مشاركة