خطاط رفيق /صوت العدالة
لا يكاد يمر يوم دون سماع أخبار عن حالات انتحار في المغرب عامة و سيدي بنور خاصة ، كان آخرها سيدة بدوار المجيمر بتراب جماعة الغنادرة دائرة الزمامرة اقليم سيدي بنور حينما وضعت حد لحياتها يوم الثلاثاء 22 أكتوبر الجاري برمي نفسها “بساقية” بتراب جماعة الغنادرة اقليم سيدي بنور ،حسب مصادر خاصة ان الهالكة متزوجة و بدون أولاد وكانت قيد حياتها من اضطرابات نفسية مما جعلها تضع حدا لحياتها ،أصبحت هذه الظاهرة تتير ما هو أكثر من قلق.
الأغلبية الساحقة من المنتحرين في اقليم سيدي بنور هم من النساء و الشباب ، بينهم نسبة معتبرة من الفتيات في عمر الزهور ، و هذا لغز حقيقي ينبغي فك طلاسمه ، على اعتبار ان الفقر و الهشاشة الاجتماعية و المشاكل النفسية لن تكون وحدها مسؤولة عما يجري في المنطقة البنورية.
وتتراوح طرق الانتحار في المنطقة البنورية بين الرمي في السواقي أو الشنق و تناول مبيدات سامة،و أغلب الذين فعلوا ذلك حملوا أسباب انتحارهم معهم الى قبورهم ، فيما يتداول الناس الأسباب الظاهرة للانتحار من دون الإحاطة بعمق هذه الظاهرة المخيفة.
اليوم لاتبدو هذه الظاهرة للعيان ، فكل ماتحمله الرياح من هذه المدينة هي أخبار الانتحار المروعة، فأصبح إقليم سيدي بنور يحطم الأرقام القياسية في الأخبار المروعة.
من الصعب إذن أن يرتبط اسم اقليم سيدي بنور بالانتحار و الكآبة و المشاكل النفسية ، ومن الصعب أن يحطم هذا الاقليم الرقم القياسي في حالات الانتحار و تنافس في ذلك كبريات مدن المغرب،ومن المؤسف أن تتحول الألوان البهيجة لهذا الإقليم إلى ألوان قاتمة..وقاتلة.
لهذا تتعدد الأعمار ويختلف الجنس لكن القرار يبقى واحدا؛ وضعت نقطة النهاية لحياتها لهذا السبب أو ذاك، وهو ما جعل من الانتحار ظاهرة تنتشر أكثر فأكثر بالمغرب عامة ، إذا ما أردنا فعلا الغوص في أسباب هذه الظاهرة سنكون أمام أزمة استدلال علمي بسبب ضعف وضبابية الأرقام والدراسات، ثم تعقد العوامل المتدخلة في الظاهرة؛ لأن التعامل مع الانتحار كحدث عابر أو مجرد اختيار فردي كما هو سائد في مجتمعنا، هو تعبير يفتقد إلى المنطق والعلمية، دون أن ننسى أن تراكم مشاعر الفشل والإحباط وتعزيز هذه الانفعالات من خلال الدوران في دائرة مفرغة يجعل الفرد حبيس أفكاره السلبية وتكرارها لتصبح قناعة واستدلال خاطئا، تسقط الفرد في التركيز على المشاعر السلبية، منها تبخيس الذات ومحاولة الانتقام من الواقع الذي يعيشه بتعذيبها، ولا أخفيكم سرا أن من الأسباب الجوهرية في تفشي ظاهرة الانتحار في المغرب عامة ترجع بالأساس إلى التفاوتات الطبقية الصارخة في المغرب، بين نخبة نافذة تكدس الأموال من خلال النهب والفساد وطبقات شعبية مسحوقة تعيش الفقر، وهو ما يتسبب في أزمات اجتماعية ونفسية للكثيرين من المعوزين، وبالتالي حتى يتسنى لنا معالجة هذه الظاهرة خاصة في اقليم سيدي بنور على وجه التحديد قبل فوات الأوان، يحتم على كل من الدولة بكل مكوناتها والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وجمعيات المجتمع المدني القيام بأدوارهم لتوفير بيئة مواتية للعيش الكريم، تتوفر فيها الشروط السياسية والاقتصادية والاجتماعية السليمة، وتزود أفراد المجتمع بالأدوات المادية والمعرفية اللازمة ليتكيف مع العصر ومجابهة المشكلات.

