صوت العدالة – الدار البيضاء
قررت غرفة الجنايات الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تأجيل النظر في ملف متابعة المتهم ر.أ، المعروف بلقب “التيربو”، على خلفية القضية المرتبطة بمقتل زوج الفنانة المغربية ريم فكري، محددة يوم 23 دجنبر الجاري موعداً للجلسة المقبلة.
وجاء قرار التأجيل بسبب غياب أحد محامي المطالبين بالحق المدني لمانع صحي، إلى جانب ضرورة توفير الترجمة الفورية للمتهم، الذي يواجه صعوبات في التواصل باللغة العربية، وذلك في احترام تام لحقوق الدفاع ولمبدأ المحاكمة العادلة كما يكفله الدستور والمواثيق الدولية.
غير أن ما يثير القلق، وفق متابعي هذا الملف، هو ما رافق القضية من حملة إدانة مسبقة شنتها بعض المنابر الإعلامية، خارج كل المعايير المهنية، حيث جرى تقديم المتهم في كثير من التغطيات كمدان سلفاً، في خرق صريح لمبدأ قرينة البراءة، وتغليب للرأي العام والانفعال على التحليل القانوني الرصين.
ويُتابَع في هذا الملف المتهم الرئيسي إلى جانب خمسة متهمين آخرين، بتهم خطيرة من بينها الاختطاف، والاحتجاز، واستعمال وسيلة نقل لتنفيذ الجريمة، والتعذيب، والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. غير أن جسامة التهم، مهما كانت خطورتها، لا تُغني عن ضرورة الإثبات القضائي، ولا يمكن أن تحل محل وسائل الدليل القانونية.
وتُشير معطيات الملف، حسب دفاع المتهم ومصادر مطلعة، إلى أن المتهم الرئيسي يتوفر على قرائن قوية تميل لصالحه، كما أن الملف يعاني من غياب إفادات أساسية لبعض الشهود الذين كان من شأن تصريحاتهم، لو أُدرجت بشكل كامل وواضح، أن تغيّر مسار القضية بشكل جذري. وهو ما يعزز فرضية البراءة إلى حين ثبوت العكس بحكم نهائي.
وتُذكر “صوت العدالة” بأن المتهم سبق أن حصل على البراءة في مرحلة ابتدائية في قضية سابقة مشابهة، بعدما أقرت الهيئة القضائية آنذاك بانعدام وسائل الإثبات وانتفاء العناصر التكوينية للأفعال المتابع من أجلها، وهو ما يُبرز خطورة التسرع في إصدار الأحكام خارج منطق القضاء.
وفي مقابل التهويل الإعلامي، تؤكد مصادر “صوت العدالة” أن الهيئة القضائية الحالية المشرفة على الملف مشهود لها بالنزاهة والاستقلال والتكوين القانوني المتين، ولا يمكن أن تتأثر بأي ضغط إعلامي أو تشويش قادم من وسائل التواصل الاجتماعي، التي غالباً ما تبني سردياتها على الانفعال لا على القانون.
إن العدالة، كما يُجمع عليه الفقه والقضاء، لا تُدار بالعناوين الصادمة ولا بالأحكام الجاهزة، بل تُبنى على الأدلة والقرائن القانونية، وتُختزل في قاعات المحاكم لا في الفضاء الافتراضي.
ويظل المتهم، وفق القاعدة الذهبية للعدالة الجنائية، بريئاً إلى أن تُثبت إدانته بمقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وهو المبدأ الذي يُفترض أن يشكل بوصلة كل تناول إعلامي مسؤول، بعيداً عن لغة التشهير والتجييش.
وفي انتظار الجلسات المقبلة، يبقى الرهان الحقيقي هو حماية حق الدفاع، وصون هيبة القضاء، واحترام قرينة البراءة، باعتبارها حجر الزاوية في أي دولة قانون

