أنهت الرابطة المحمدية للعلماء، بتنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فعاليات الدورة السادسة عشرة من برنامج “مصالحة“، الموجه لإعادة تأهيل نزلاء المؤسسات السجنية المدانين في قضايا التطرف العنيف والإرهاب.
وحسب معطيات رسمية صادرة عن الرابطة، فقد بلغ عدد المستفيدين من البرنامج، منذ انطلاقه سنة 2017، ما مجموعه 364 نزيلا، من بينهم 21 شخصا صدرت في حقهم أحكام بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
يرتكز البرنامج على رؤية تربوية وعلمية، تهدف إلى مواجهة التطرف من داخل المؤسسات السجنية، من خلال تفكيك الخطابات المتشددة، وتوفير فضاء آمن للتأهيل النفسي والفكري.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أن البرنامج يقوم على ثلاثة محاور متكاملة: المصالحة مع الذات، والمصالحة مع الدين، ثم المصالحة مع المجتمع، موضحا أن هذه المراحل تهدف إلى تعزيز التفكير الإيجابي، تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة، وتحضير النزلاء للاندماج السليم في النسيج المجتمعي بعد انتهاء فترة العقوبة.
ولا يقتصر “مصالحة” على التأهيل الفكري والديني، بل يشمل أيضا الجانب الحقوقي والقانوني، من خلال تنظيم دورات توعوية حول الضمانات الدستورية، وحقوق الإنسان، والتشريعات الوطنية والدولية ذات الصلة بمكافحة العنف والتطرف.
ويساهم هذا الجانب في رفع وعي النزلاء بالمفاهيم القانونية والمؤسساتية، ما يعزز فرصهم في إعادة الاندماج واحترام قواعد العيش المشترك.
يحظى برنامج “مصالحة” باهتمام متزايد على الصعيدين الوطني والدولي، نظرا لنجاعته في معالجة جذور التطرف داخل السجون، والنتائج الإيجابية التي حققها منذ انطلاقه.
وتؤكد الرابطة المحمدية للعلماء أن هذه التجربة الفريدة تعكس توجه المغرب نحو تعزيز مقاربة شاملة في مواجهة التطرف، ترتكز على التوازن بين محاربة الفكر المتشدد واحترام الكرامة الإنسانية، بعيدا عن المقاربات الزجرية وحدها.
ويُذنتظر أن يشكل “مصالحة” أرضية لتوسيع برامج التأهيل داخل السجون، بما يضمن نجاعة السياسات العمومية في ميدان الأمن الفكري وإعادة الإدماج المجتمعي.