الرئيسية أحداث المجتمع المشردون و خريجي دور الخيريات بالمغرب قنبلة موقوتة و ظاهرة مخزية تتطلب محاصرتها شباب ممنوع عليهم أخذ البطاقة الوطنية بعد مغادرتهم مقرات دور الإقامة…

المشردون و خريجي دور الخيريات بالمغرب قنبلة موقوتة و ظاهرة مخزية تتطلب محاصرتها شباب ممنوع عليهم أخذ البطاقة الوطنية بعد مغادرتهم مقرات دور الإقامة…

IMG 20220130 WA0090.jpg
كتبه كتب في 30 يناير، 2022 - 6:19 مساءً

جريدة أصوات : خولاني عبدالقادر

 يعرف الشارع المغربي في السنين الأخيرة نزوح كبير لأفواج من المواطنين الراغبين في البحث عن حياة افضل.. ، تترتب عنه ظواهر خطيرة ومؤلمة تقشعر لها القلوب و الأبدان ، فنسمع من حين للآخر عن جرائم مخيفة، تتمثل في القتل بأبشع الصور و الاغتصاب و السرقات إضافة إلى التعاطي للمخدرات و الانخراط العفوي في تكوين عصابات و أحيانا يتم الانضمام إلى منضمات إجرامية دولية دون التفكير في العواقب …

IMG 20220130 WA0093

 و إذا رجعنا إلى الوراء لمعرفة الأسباب الحقيقية لهذه الظواهر المسيئة لمجتمعنا و ديننا الحنيف ، نجد أنها مرتبطة أساسا بظاهرة اجتماعية مخزية ، و هي في الأصل المغذية الأساس لظاهرة الإجرام ، و التي تتمثل في عملية  التخلي عن الأطفال و الأمهات و الآباء  ليصبحوا عرضة للتشرد و الضياع دون رأفة أو شفقة ، و على سبيل المثال لا الحصر ما وقع للشاب (ي،ج) عمره يتراوح 23 سنة  يستنجد  إلى المغاربة من خلال فيديو يبت على صفحة الفاسبوك لجريدة صوت العدالة ، الذي كان يقيم بقرية الأطفال المتواجدة بدوار الفقرة أولاد عزوز النواصر البيضاء ، حيث غادرها مجبرا طبقا للقانون المعمول بها  داخل الخيريات المغربية  كغيره من الشابات و الشباب الذين غادروا مقرات دور الإقامة إلى وجهة مجهولة و هم في سن 18 سنة ، ليعيشون في عالم واسع و غير رحيم و غريب عنهم ، وذلك دون سند أو مكان يأويهم أو عائلة تحتضنهم  ،هذا الشاب الذي هو مجهول  الهوية فرض عليه اسم ونسب  ، مسجل على البطاقة الوطنية ،التي ستكون آخر بطاقة يستلمها كغيره من الشباب الذين عاشوا داخل هذه الإقامات بفعل تنكر الخيريات لهم بسبب المغادرة و مطالبتهم مصلحة البطاقة الوطنية بضرورة توفرهم على شهادة السكنى ، مما يصبحون في وضعية غير قانونية في بلدهم و عالة على المجتمع ….مفارقة غريبة و عجيبة يسقط فيها مواطنون مغاربة فرض عليهم العيش غرباء عن وطنهم،  ينتقلون قصرا من مدينة إلى أخرى و من مكان إلى آخر و من بينهم الفتيات  التي يتعرضن لأبشع صور الإهانة ، و يتحركون بين أزقة و دروب شوارع المدن  فرادة و جماعة ، ومنهم من يسقط في الممنوع ويصبح إما ضحية أو مجرم يهدد سلامة و أمن المواطنين ، و منهم من يعيش ظروف صعبة و مزرية و مؤلمة أمام أنظار الجهات الساهرة على تدبير الشأن العام ، و أصبحوا بذلك مشردون في وطنهم دون تدخل لأية جهة أخرى لإنقاذهم و العطف عليهم و حتى  البحث في هويتهم و الأسباب والدواعي و الدوافع لهجرتهم من مكان إقامتهم الأصلية…

IMG 20220130 WA0091

كما أن أعدادهم يتزايد يوميا في ظل غياب قوانين تحمي المتخلى عنهم و عدم قدرة أماكن الإيواء على احتواء التزايد الكبير للمشردين  و المتخلى عنهم ، إضافة إلى انعدام إرادة حقيقية لمعالجة هذه الظواهر الاجتماعية التي تفشت بشكل فظيع في مجتمعنا بجل المدن و القرى ، فعدد المشردين لا يمكن ضبطه بفعل تحركاتهم المستمر و انتقالهم من شارع لآخر و من مدينة لأخرى بحثا عن مكان أو مدينة أكثر رحمة لاحتضانهم وانتشالهم من الوضعية التي يعيشونها …

 فالدراسات و الإحصائيات تشير إلى أن نسبة عالية من المتخلى عنهم  بالشوارع هم من الأطفال و اليتامى و القاصرين والمسنين و حتى النساء لم تستثنهم هذه الظاهرة ، التي يترتب عنها تعاطي بعضهن للمخدرات بمختلف أنواعها ، بسبب الوضعية القاسية الذي يعيشونها ،و أصبحوا  بذلك منبوذين من طرف المجتمع  و ليس لهم من رغبة أخرى في هذه الحياة غير الركض بحتا عن المصير المجهول هربا من تسلط الكبار على حياتهم ، فيصبح الضعيف منهم يمتهن التسول أو التعاطي للدعارة و بيتهم الشارع و غطائهم السماء و فراشهم الأرض و مأكلهم الفتاة و بقايا الطعام ، وعادة ما يشاركون القطط والكلاب في حصيلة القمامة، و يتعرضون للتعنيف و الاغتصاب و أحيانا للاستغلال في أغراض إجرامية و لما للتطرف و استغلالهم لتشويه الوطن …

و في ظل غياب الرحمة و الشفقة يموت بعضهم موتا بطيئا ، و هذا ما نسمعه من حين لآخر بجل المدن المغربية ، وغالبا ما تقبر أسباب الوفيات ، و أحيانا يتم العثورعلى جثة لشخص، لفظ أنفاسه الأخيرة في صمت رهيب بسبب الجوع و البرد القارس… ، أما الأقوياء  منهم  يدخلون عالم الجريمة من بابها الواسع ، بعد أن يحسوا أن أبواب الرحمة قد أغلقت في وجههم  و أن أحلامهم قد تبخرت ، و اقتناعهم بأن المجتمع قد تخلى عنهم و أن مراكز الإيواء عاجزة تماما عن إخراجهم من الوضعية المأساوية التي يعيشونها ، مما يجعلهم يرفضون تماما  اللجوء إليها ووضع ثقتهم فيها ، وهم الذين فقدوا الثقة في عائلاتهم و كل مكونات المجتمع، وحتى في أنفسهم …..

        و هنا نتساءل عن مصير الآلاف من المشردين و دور العدد الهائل من جمعيات المجتمع المدني و مراكز استقبال، و كذلك عن الأسباب التي تجعل المشردين يرفضون اللجوء إليها ، و عن الصمت و التجاهل التي تنهجه السلطات المعنية بالتدخل لوقف الظاهرة ، و التي هي ملزمة  بتوفير الضمانات الاجتماعية للمواطنين كافة ، و نتساءل كذلك عن أسباب فشل المؤسسات الاجتماعية في محاصرة هذه الكارثة الاجتماعية ، بإعادة إدماج المشردين  مدرسيا وأسريا لمحاصرتها و الحد منها قبل استفحالها ..

مشاركة