الرئيسية آراء وأقلام وعود أخنوش الرنانة وواقع المشهد السياسي

وعود أخنوش الرنانة وواقع المشهد السياسي

عزيز أخنوش 768x436 1.jpeg
كتبه كتب في 31 أكتوبر، 2021 - 12:18 مساءً

أثارت وعود عزيز أخنوش رئيس الحكومة المعين حديثا إنتباه المغاربة، حيث قدم حزب الأحرار الذي يترأسه، برنامجا إنتخابيا يحمل جملة من الإلتزامات التي وعد ببلورتها إذا تصدر حزبه انتخابات 8شتنبر التشريعية. وها هو أخنوش أصبح رئيسا للحكومة، وحصل برنامجه الإنتخابي على ثقة الأغلبية المطلقة داخل مجلس النواب، فهل يستطيع الإلتزام بوعوده خاصة تلك ذات الطابع الاجتماعي، كخلق مليون منصب شغل في غضون 5 سنوات ، تخصيص قدر مالي يتجاوز 1000درهم للأسر المحدودة الدخل، الزيادة في أجرة رجال التعليم. وحتى نذكِّر فإن الذكرى تنفع المغاربة فإن الطالبي العالمي وزير الصناعة السابق وواحد من النخبة الإقتصادية في المغرب قال في تصريح صحافي ” إلى مشدوش المغاربة 1200 درهم إضربونا بالحجر”.
لندخل هذا البرنامج الإنتخابي الذي حمل في طياته هذه الوعود إلى غرفة عمليات علم السياسة، الذي يميز عن طريق مناهجه العلمية بين لغة العاطفة السياسية التي تُستخدم في الإنتخابات، ولغة الواقع السياسي التي تعكس المشهد السياسي الحقيقي في البلاد .
إذا سلّمنا بأن أي برنامج إنتخابي بالإضافة إلى الأهداف والوعود يجب أن يحتوي على الكيفية والترتيب لتحقيق الأهداف المسطرة، فإن برنامج حزب الأحرار لم يتحدث عن مصادر تمويل هذه الوعود الإجتماعية الرنانة. فكيف سيبلور أخنوش وعوده للمغاربة؟ خاصة إذا علمنا أن المديونية في الناتج الداخلي الخام بالمغرب PIB الذي يقدر ب 112 مليار دولار تجاوزت 90%، بمعنى تعدت الخط الأحمر الذي حدده الإتحاد الأوروبي في 60% .
إن هذا العجز الذي يتخبط فيه المغرب بسبب المديونية ، جعل صانع قانون المالية بعد التقويم الهيكلي أمام هاجس المحافظة على التوازنات المالية و الماكرو اقتصادية ، الشيء الذي حال دون أخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي في القانون المالي. و للإشارة هنا بأن هناك دول مثل أمريكا و إيطاليا تجاوزت نسبة إستدانتها 60%، لكن مع ذك لم تغفل في ميزانياتها العامة البعد الاجتماعي ، و ذلك لأن الإستدانة أساسا تتم
من أجل الإستثمار هذا الأخير الذي يجب أن ينعكس على الوضع الاقتصادي و الاجتماعي، حيث ترتفع نسبة النمو و تتقلص نسبة البطالة ، لكن هذا مالم يتحقق بالمغرب، إذ نلاحظ أن مستوى الإستدانة من أجل الإستثمار ارتفع و لكن مستوى النمو لا يزال ضعيفا و مستوى البطالة في ارتفاع مستمر .
و للأسف، و باعتبار المغرب ليست من الدول التي تعتمد على الصناعة في مداخيلها ، فإن مداخيل اقتصاد الدولة المغربية يعتمد أساسا على الضرائب و الفلاحة و السياحة و التحويلات المالية للمغاربة المهاجرين ، و لعل التصريح الأخير لعبد اللطيف الجواهري مدير البنك المركزي خير دليل، حيث أثنى على سخاء المهاجرين المغاربة الذين يضخون نسبة مهمة من العملة الصعبة .
و هنا نتسائل باستغراب مع المغاربة : كيف سيمول أخنوش وعوده؟ وهل سيلجأ أيضا للإقتراض كالحكومات السابقة و يثقل كاهل المغاربة أكثر مما هم عليه ؟ و هل سيعتمد على مداخيل الضرائب خاصة الغير المباشرة التي يؤديها المواطن بدون وعي منه ؟
إجابة على هذه الاسئلة و إلى حدود كتابة هذا المقال، فإن مشروع قانون المالية لسنة 2022 يؤكد أن المغرب لازال هاجسه هو المحافظة على التوازن المالي و المكرو اقتصادي ، و ليس الإنفاق على القطاعات الاجتماعية ، ولعل التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2022 التي يتداول في شأنها المجلس الوزاري حسب الفصل 49 من دستور 2011 الذي يترأسه الملك خير دليل، حيث من أهم هذه التوجهات هي.: خطة إنعاش الإقتصاد الوطني، بمعنى الإقتصاد ” كإنسان في مرحلة خطر يجب إدخاله إلى الإنعاش”
ومن تجليات هذا الإنعاش في مشروع قانون المالية هو نسبة الضرائب الغير المباشرة التى أصبحت تشكل 41% من المداخيل، وإقتراض أخنوش 4000مليار، وكذا عدد المناصب المالية الذي لم يتجاوز 26.860 ،أغلبها ذهب إلى قطاعات غير اجتماعية ، حيث حصلت إدارة الدفاع الوطني على 10800، و أم الوزارات أي وزارة الداخلية ب 6544. في حين نجد القطاعات الإجتماعية كالصحة لم تحصل إلا على 5500، وقطاع التعليم ب344 الشيء الذي يجعلنا نستشف أن الدولة لا زالت ستشغل 17000أستاذ بنظام التعاقد، أي تشغيل غير نظامي بمعنى يدخلون في مختلف المعدات وليس في ميزانية أجور الموظفين فهم يعتبرون كمعدات وزارة التربية الوطنية كالسبورة والحواسيب والطاولات… ، وكل هذا لنقول للبنك الدولي أننا نقترض من أجل الإستثمار وليس للإنفاق على كتلة الأجور .

ختاما أقول لا يمكن أن تتحسن الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية في ظل نظام سياسي المسؤوليات فيه غير واضحة ،حيث من يحكم ويمتلك الصلاحيات الإستراتيجية التي نشأنها النهوض بالأوضاع الإقتصادية والإجتماعية لا يسائل . وأقول لأخنوش وباللغة العامية ” عفاك متوظفش مليون شخص متعطيناش 1200درهم غير ردنا 17مليار.

عبد المنعم شمراح

باحث بسلك الدكتوراه تخصص قانون عام وعلوم سياسية

مشاركة