الرئيسية آراء وأقلام وزير العدل بين الجدل والانتقاد

وزير العدل بين الجدل والانتقاد

IMG 20221103 WA0005.jpg
كتبه كتب في 3 نوفمبر، 2022 - 9:32 صباحًا

بقلم:مصطفى منجم

مازال الجدل يرافق وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي في كل خطوة يخطوها، وفي كل كلمة ينطقها، خاصة في ما يتعلق بمقترحاته في القوانين، كما أن البعض اتجه إلى تغيير اسم منصبه ب”وزير الجدل”.

أصبح وزير العدل ينهج سياسة “البوليميك” لينصب لنفسه اسما مكتوب بخط عريض في كتاب الوزراء المثيرين للجدل، ولخلق الخلافات وتبادل الآراء السلبية، علما أن الحوارات العقيمة تنتهي دائما بنتائج عقيمة، لن تحل مشكلا ولا تنهي خلافا.

السياسي البارع هو الذي يجعل كلمة “البوليميك” لغة للتواصل مع الجميع من خلال المادة التي ينتجها لتعود عليه بالربح والفائدة، وأن يحفظ وزنه وتوازنه في مهامه، ليستطيع أن يتجاوز الخلافات ليجعلها تصب في مصلحته ومصلحة برنامجه.

ومن الواضح ان عبد اللطيف وهبي لم يتقن هذا الاسلوب السياسي جيدا، وفي الاغلب ليست له دراية بأدواته، حيث ينهجه بهدف تقليد ماقامو به بعض المسؤولين الذين عرجوا على كراسي الوزارة لكن لم يعمروا فيها كثيرا.

وضع وهبي نفسه في مأزق مع اصحاب البدلة السوداء، التي كان يرتديها بدوره قبل أن يدخل الى غمار الحكومة، حيث شدد الخناق على المحامين والمتقاضين في نفس الوقت، في ضرب صارخ لمبدأ مجانية القضاء، وحق المواطن في التقاضي بالإضافة إلى تضريب العدالة.

حيث ان الشروط التي وضعها وهبي على المواطن والمحامي هي فالحقيقة قيود ستسلب للمهنة طابعها الحقوقي والاجتماعي، وأن المصاريف التي اصبح واجب اداؤها في كل إجراء من إجراءات التقاضي باتت تعد بمثابة قطيعة حقيقية مع العدالة، علاوة على ذلك زيادة في نسبة الضريبة على القيمة المضافة لتصل الى 20 في المائة.

وزاد الطينة بلة بعد أن تعمد عبد اللطيف وهبي تسريب مسودة قانون مهنة المحاماة وقانون المسطرة المدنية، دون مشاورة مع اهل الاختصاص، وفي غياب التام للديمقراطية التشاركية.

كما أنه دخل في دوامة “ديالكتيكية” مع البدلة السوداء، حيث ستنتهي في الاخير بمنتصر ومنهزم، ان انتصار وهبي يتجلى في موافقة الدولة على مقترحاته المتعلقة بالضريبة والقوانين، اما فوز المحامون يتجسد في الغاء جميع مقترحاته، بمعنى أخر نجاح الوقفات الاحتجاجية التي كانت تندد بالحق.

وسنستعين بأفضل العبارات عن مهنة المحاماة من كتاب عبد اللطيف وهبي “المحاماة قوة الاصلاح” الذي أصدره سنة 2014 تحدث فيه عن مهنته السابقة قائلا:”إن محاولة التنكر لمساهمة المهنة في بناء دولة القانون والمؤسسات واصلاح العدالة، أو تنكر بعض أبنائها بعد أن قادتهم الى العلى، فإن ذلك لن ينال من قوتها وقدرتها، وقدرة نسائها ورجالها”.

ولا يكاد ان يمر يوما دون ان نتفاجأ بقرار جديد صادر عن وزير العدل، حيث نستحضر في هذا السطر المثال المغربي الشهير “تعيش نهار تسمع خبار”، بعد أن فجر هذا الأخير في اخر خرجاته على عزم وزارته على فرض قانون للاباء البيولوجيين بتحمل مصاريف المولود غير الشرعي الذي تم انجابه عن طريق علاقة خارجة عن اطارها الديني والقانوني، إلى حين بلوغه 21 سنة.

كما أكد على أن المولود غير الشرعي اذا وافقت امه على تربيته يجب على الاب أداء مصاريفه، أما إذا أراد الاب تربيته واجبة على الام ان تحمل ذلك، مشيرا أن وزارة العدل راسلت جهات المعنية من أجل اصدار فتوى بخصوص هذا القرار.

لنفترض تم تطبيق هذا القرار فاذن نحن في غنى عن فصل 486 من القانون الجنائي المغربي الذي ينظم جريمة الاغتصاب، وفصل 490 الذي يأطر جريمة الفساد، بالإضافة إلى فصل 491 الذي ينص على جريمة الخيانة الزوجية.

من جهة أخرى إذا تم تطبيق هذه الفصول حسب نوعية الأفعال الإجرامية فمن البديهي أن يتم سلب حرية احد الاطراف، فهنا يمكن ان نضع علامة استفهام حول مصير المولود الجديد من ناحية المصاريف نظرا أن أحد واليديه في حالة اعتقال.

يبدو ان عبد اللطيف وهبي طرح الموضوع دون ان يدرس جوانبه، وأيضا القوانين المنظمة لهذه العلاقة غير الشرعية، حيث يعتبر القانون أن كل علاقة خارجة عن إطار الزواج فهي تعتبر فسادا او اغتصابا في حالة اذا تم مواقعتها بدون رضاها، او خيانة زوجية اذا احد الطرفين في علاقة زواج.

ولاصلاح هذا الشأن في نظري يجب تشديد العقوبات في حق الطرفين، وليس تحميل الرجل فقط المسؤولية، من غير ذلك توفير مناصب الشغل لان مشكل الزواج في المغرب يرتبط ارتباطا وثيقا بالبطالة، كما يجب هيكلة قطاع التعمير حيث هناك اشخاص لديهم عمل قار ولكن لديهم مشكل في السكن.

هذا فإن السياسي المحنك يتوفر على تقنية المكر والفكر، الشيء الذي يفتقده عبد اللطيف وهبي، لكن لم نحمله وزر هذه المشاكل كليا نظرا لمشاركته الاولى في الحكومة طيلة مشواره السياسي، كما أن فرحة تنصيبه في اعلى مقام لوزارة العدل مازالت متحكمة فيه، الامر الذي يجعله يصدر بعض القرارات تثير الفاعلين ورأي العام.

مشاركة