صوت العدالة : متابعة
عقد مركز الذاكرة المشتركة للديمقراطية والسلم يوم الثلاثاء ندوة علمية حول “الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي”، وهو موضوع ذو أهمية متزايدة في عصر يشهد تطوراً هائلاً في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتأثيراتها على مجالات مختلفة، بما في ذلك الدبلوماسية والفن والثقافة. حضر الندوة مجموعة من الدبلوماسيين والسياسيين والأكاديميين والفنانين المغاربة، الذين ناقشوا الدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه الفن والثقافة في تعزيز الدبلوماسية الموازية وتوسيع أفقها، خاصةً في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي.
تناولت الندوة الإمكانيات الواسعة التي توفرها تطبيقات الذكاء الاصطناعي لدعم العمل الدبلوماسي، لكنها أكدت على أن هذه التطبيقات لا يمكن أن تحل محل الدبلوماسيين البشريين، حيث أن الدبلوماسية تعتمد على مهارات إنسانية معقدة مثل الحس الإنساني والقدرة على التعاطف وفهم السياق الثقافي والسياسي، وهي جوانب لا يمكن للتكنولوجيا تحقيقها بشكل كامل.
تحدث أحمد بوطالب، عمدة روتردام السابق، عن طبيعة الذكاء الاصطناعي ومدى قدرته على الاستجابة للطلبات البشرية بناءً على المعلومات التي تم تغذيته بها. وأشار بوطالب إلى تجربته الشخصية مع تطبيق “تشات جي بي تي” الذي يمتلك معلومات واسعة عن علاقته بمدينة روتردام بصفته عمدةً لها، ولكنه وصف هذه المعرفة بأنها غريبة بعض الشيء لأنها تعتمد على بيانات وصفية فقط، دون إدراك حقيقي للسياق أو المعاني الأعمق. وأكد بوطالب على أن الذكاء الاصطناعي، رغم قدرته على معالجة المعلومات بسرعة وكفاءة، لا يمكنه أن يستوعب المشاعر أو القيم الإنسانية، مما يجعله غير قادر على تولي مهام دبلوماسية تتطلب حساً إنسانياً عميقاً.
من جانبه، ناقش مصطفى قريشي، أستاذ القانون العام بكلية الناظور المتعددة التخصصات، الجانب الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى تساؤلات حول كيفية بناء منظومة أخلاقية لهذه التكنولوجيا الحديثة. وأشار قريشي إلى أن الذكاء الاصطناعي، وإن كان قادراً على إنجاز مهام معقدة، إلا أنه يحتاج إلى توجيه أخلاقي محدد لضمان عدم تجاوزه الحدود الإنسانية في استخدامه.
كما تناول عبد الوهاب بلوقي، السفير المغربي السابق في هولندا، الدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في العمل الدبلوماسي، مشيراً إلى دراسات حديثة تتناول قدرته على تقديم دعم وظيفي في مجالات كالاتصال والتمثيل والتفاوض. وأكد بلوقي على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة فعّالة في تبسيط وإدارة بعض المهام الدبلوماسية، ولكنه لا يستطيع القيام بالدور الكامل للدبلوماسي.
تعتبر هذه الندوة العلمية خطوة هامة نحو فهم الإمكانيات والقيود التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في الدبلوماسية، وتفتح المجال لنقاشات أعمق حول كيفية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة مع الحفاظ على الطابع الإنساني للعمل الدبلوماسي.