عدنان لشكر
يشهد شهر رمضان من كل عام ارتفاعًا ملحوظًا في الأنشطة الخيرية التي تقوم بها الجمعيات المدنية، حيث تتكاثف الجهود لتقديم المساعدات للأسر المعوزة عبر توزيع القفف الرمضانية. إلا أن هذه المبادرات، التي يُفترض أن تكون ذات طابع إنساني بحت، أصبحت محط جدل واسع في جهة الداخلة وادي الذهب، وسط اتهامات موجهة لبعض الجمعيات باستغلال العمل الخيري لتحقيق أهداف سياسية، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
في هذا السياق، وجّه عدد من الفاعلين الجمعويين والحقوقيين نداءً إلى والي جهة الداخلة وادي الذهب، يطالبونه بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه الممارسات، مؤكدين أن بعض الجمعيات خاصة النسائية منها تحولت إلى أدوات لخدمة أجندات انتخابية معينة، حيث يتم استغلال حاجات الفئات الهشة لكسب أصواتهم مستقبلًا. ويرى هؤلاء أن استمرار هذه الظاهرة دون رقابة صارمة يشكّل تهديدًا لنزاهة العملية الانتخابية ويسيء إلى العمل الجمعوي الحقيقي الذي ينبغي أن يظل مستقلاً عن المصالح السياسية.
تشير التقارير المحلية إلى أن بعض الجمعيات، التي يفترض أن تعمل في إطار من الحياد، باتت تعتمد على توزيع القفف الرمضانية كوسيلة للتأثير على الناخبين واستمالتهم لصالح جهات سياسية معينة. ويُتهم بعض المرشحين المحتملين بالوقوف وراء هذه الأنشطة، حيث يتم تقديم المساعدات الغذائية كنوع من “الولاء الانتخابي” المبكر، وهو ما يعتبر إخلالًا بمبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص في الاستحقاقات الديمقراطية.
النداء الموجه إلى والي الجهة يطالب بتشديد المراقبة على عمليات توزيع المساعدات الرمضانية، من خلال فرض إجراءات تنظيمية تمنع الجمعيات التي لها ارتباطات سياسية مباشرة أو غير مباشرة من استغلال هذه الأنشطة لصالح جهات معينة. كما يقترح بعض الناشطين أن تتولى السلطات المحلية، بالتنسيق مع مؤسسات رسمية كالهلال الأحمر المغربي او مؤسسة محمد السادس للتضامن أو المندوبيات الاجتماعية، مسؤولية الإشراف على توزيع القفف الرمضانية، لضمان وصولها إلى مستحقيها بعيدًا عن أي توظيف انتخابي.
يؤكد المتابعون للشأن المحلي أن العمل الخيري يجب أن يظل في منأى عن التجاذبات السياسية، إذ أن تحويل المبادرات التضامنية إلى أدوات انتخابية يُضعف ثقة المواطنين في الجمعيات ويضر بمصداقية العمل المدني. ويشدد هؤلاء على أن تدخل السلطات الجهوية أصبح ضرورة ملحة لضمان شفافية المساعدات الاجتماعية والحفاظ على مبادئ النزاهة في العملية الديمقراطية.
مع اقتراب موعد الانتخابات، يبقى السؤال المطروح: هل ستستجيب السلطات لهذا النداء وتتخذ إجراءات فعلية لمنع التلاعب بالمساعدات الرمضانية، أم أن هذه الظاهرة ستستمر كما في السنوات الماضية، لتتحول المبادرات الخيرية إلى أداة غير معلنة للحملات الانتخابية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا التساؤل.