مولاي صاحب الجلالة
عطفا على مقالي الأخير الذي جعلتُ من فقراته الكبرى رسالة مفتوحة إلى جلالتكم، ووفاء مني بوعدي لكم أن أضع بين يديكم المزيد من مظاهر الاستهتار والتسيّب التي تخيم على مؤسسة وطنية تحظى بعطفكم مثل لارام، فإني الآن أواصل ما بدأته، واستمر في تساؤلاتي عما إذا كان رئيس الحكومة أخبركم بما يحدث في الشركة، قبل أن يتبجح بالاتفاق الذي أبرمه مع مديرها العام تنفيذا لتعليمات جلالتكم.
هل أخبركم يا صاحب الجلالة مثلا بأمر التونسية صاحبة شركة Innova Conseil التي يوجد مقرها بتونس؟
هل اخبركم يا مولاي بإنها الرقم الثاني بعد المدير العام في الشركة، بسبب نفوذها الذي لا يخفى على أحد، وقدرتها على استغلال سلطتها في الخضوع لطلباتها؟ وطلباتها دائما مجابة.
هل تتصورون يا مولاي أنه تم إلغاء فتح الأظرفة بشأن صفقة عمومية تخص الخطوط الملكية المغربية من أجلها؟ نعم والله. لم يكن ممكنا حينها البث في الطلبات بسبب عدم تواجد سيادتها بالمغرب، وتم الإعلان عن نفس طلب العروض في موعد لاحق، تمكنت فيه من القدوم إلى بلادنا، وفازت شركتها المحظوظة فعلا بالصفقة.
فازت بها رغم اعتراض السيد أ.ر Directeur des Achats المعروف بنزاهته واستقامته على هذا القرار، ولكنه كان عاجزا تماما عن الوقوف في طريق التونسية ومن يدعمها.
دعني أخبركم يا جلالة الملك ببعض الصفقات التي فازت بها هذه المرأة القوية، لعلها تكشف لك المواصفات الخارقة التي تملكها شركتها وتفتقدها الشركات المغربية التي تحظى برعايتكم ودعمكم اللامشروط، وخير دليل على ذلك ترؤس جلالتكم، بتاريخ 27 يناير 2020 بالقصر الملكي بالرباط حفل تقديم البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات. و لكن لا حياة لمن تنادي، فتكلفة الصفقات الممنوحة لهذه السيدة التي أظهرت الأيام عدم نجاعتها، كانت باهضة، رغم أنها لم تضف أية إضافة للشركة مثل صفقة
Innovation système d information
Projet open innovation :
Ressources humaines
Sans livrable
400000 euros
Innovation système d information
300000 euro
من مجموع 1.500.000 euro
وكأننا يا مولاي لا نتوفر في المغرب على الشركات التي بإمكانها القيام بهاته المهام، وبكفاءة عالية.
فبإطلالة بسيطة على صفحة هذه الشركة نفسها على الفايسبوك، نجد أن متابعيها لا يتجاوز 700 متابع!
وعند زيارة موقعها الإلكتروني نجد أن زبناءها ليسوا بالثقل المهم على المستوى الاقتصادي أو المالي، بما يشفع لشركة عملاقة مثل لارام أن تكون من عملائها.
فمثلا نجد من زبناء الشركة مجموعة بولينا القابضة التي لا يتجاوز رقم معاملاتها السنوي 968 ألف يورو. ونجد المكتب الوطني للسياحة لدولة جيبوتي، وشركة للتأمين بكندا متواضعة.
ولقد بحثث عن شركات طيران غير لارام يمكن أن تكون عميلة للشركة، فلم أجد إلا الخطوط الملكية المغربية. حتى الخطوط التونسية يا مولاي غير موجودة. فما السر يا ترى؟
الأخطر في الموضوع هو أن هاته الشركة المتواضعة أصبحت تتوفر على كل المعطيات الخاصة بلارام.
ودائما في إطار الصفقات بالعملة الصعبة، هل أخبروك يا مولاي بأن صفقة طقم البذلة الموحدة uniforme الخاص بموظفي لارام فازت بها شركة برتغالية؟ وفي الوقت الذي تقوم كل شركات النقل الجوي فيه بصنع uniforme لموظفيها تحيل ألوانه إلى علم البلاد التي ينتمون إليها كالخطوط الإيطالية والتركية والفرنسية والأوكرانية… فإن موظفي الخطوط الملكية المغربية يرتدون طقما بألوان لا علاقة لها بألوان العلم المغربي، والأدهى أن الشركة اختارت اللون البرتقالي و الارجواني، وإنها ألوان يا مولاي لا تسر الناظرين.
هنا أستحضر يا مولاي مشهدا أثار انتباهي هذا الأسبوع للسيد وزير التجارة في حكومة جلالتكم رياض مزور الذي كان ضيفا في احد البرامج، حيث اشاد مستضيفه بأناقة الملابس التي كان يرتديها الوزير، فما كان من الأخير إلا أن عبر عن افتخاره بكونها من صنع مغربي مئة في المئة.
نعم يا مولاي، أنا أتحدث عن وزير التجارة الذي درس بسويسرا ، ويعرف معنى الأناقة. بدا فخورا في تصريحه بأن كل ملابسه من صنع مغربي بأيد مغربية، وباسم شركة مغربية. لكن الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية لا يشاطره هذا الشعور بالفخر. و كأنه تناسى أو تجاهل خطاب العرش 2022، وأنا هنا أذكره بفقرة من خطابكم السامي :
“أخطر ما يواجه تنمية البلاد والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة، التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية وخدمة مصالحهم الخاصة. وهو ما يجب محاربته”.
لقد فضل السيد المدير العام يا مولاي أن يمنح صفقة الزي الموحد لشركة برتغالية قدمت فقط Design Uniforme (الذي بدا لكل من يراه بشعا)، فيما الصنع كان لشركة مغربية. ويعني هذا أن الزي الموحد لموظفي الخطوط الملكية المغربية هو في الواقع صناعة مغربية، غير أنه في الوثائق والفواتير هو من صنع شركة برتغالية. بما يعني أيضا أن الأداء كان بالعملة الصعبة، وتم تحويل المبلغ الى الحساب البنكي بالخارج.
وإن الخوف كل الخوف يا مولاي من أن تتكرر الفضيحة في طلب العروض المقبل الخاص بالزي الموحد الجديد، حيث يتم الاستعداد للإعلان عنه قريبا.
ملايين بالعملة الصعبة تهدر يا جلالة الملك، فاسألهم عن الطائرة التي اقتنتها الشركة وبدل أن تكون جاهزة للاستعمال فإنها ماتزال مركونة في المنطقة الصناعية للخطوط الملكية المغربية La ZIRAM من أجل الصيانة. أبهذا الاستهتار سيتم إنجاح Contrat de Programme من أجل توفير أسطول 200 طائرة 2023/2037؟
وحتى لا أطيل عليكم يا مولاي، أود أن أؤجل الحديث عن مظاهر فساد أخرى إلى مقالي القادم، سأخبركم وأخبر فيها القراء عن التذاكر المجانية التي يستفيد منها أفراد عائلته ومقربوه، مع الإلحاح على معاملتهم VIP والتركيز على الالتزام بوقت الرحلة و إعطاء التعليمات بالمبالغة في حسن المعاملة.
وأحدثهم أيضا عن ادعائه القرب العائلي من احد مستشاريكم، ومنه يستمد القوة والسلطة، ومستشاركم بريء من تجاوزاته، براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
وأحدثهم عن رحلة AT204 و AT 205 بتاريخ 13 دجنبر وتاريخ العودة 17 دجنبر 2023 الدرجة الأولى بصفر درهم (HK)، و التي كانت على متنها ابنة الرئيس المدير العام، رحلة الدار البيضاء ميامي – ميامي الدار البيضاء.
سأخبرهم يا جلالة الملك عن فضائح تذاكر قطر أيضا، نعم هناك فضائح عاشتها لارام خلال رحلاتها إلى قطر لنقل المشجعين لمساندة المنتخب.
سأخبرهم يا مولاي بكل شيء. لكن، لا يفوتني هنا قبل الختام أن ألتمس من جلالتكم تنبيه السيد المدير العام إلى أمر مهم، ومهم جدا.
إن الجامعة الوطنية للنقل الجوي يا مولاي، وأمام انغلاق باب الحوار، وتقاعس السيد المدير العام عن تنفيذ مطالبها المشروعة لمحت إلى الدعوة إلى الاضراب. و هذا ما كان حديث كل وسائل الإعلام الوطني. ولعل مأساة 2016 ستتكرر بعد إعلان مضيفين و مضيفات الشركة عن عقد جمعهم العام يوم 28 دجنبر 2023.
وأنتم أدرى يا جلالة الملك بعدد السياح الذين خططوا لقضاء عطلة نهاية السنة، وبداية العام الجديد بالمغرب. فهل يعي السيد المدير العام حجم الخسائر التي ستتكبدها الدولة المغربية والخطوط الملكية المغربية في حال نُفذ الإضراب؟
اظن انه لا يعلم التبعات وإلا ما كان سيتقاعس عن فتح باب الحوار البناء وتنفيذ مطالب الشغيلة المشروعة الهادفة في النهاية إلى ضمان عيش كريم، وقطع مع عهد الحكرة، وحفاظ على الاستقرار الاجتماعي .
مجددا، أعتذر يا مولاي إن كان صوتي عاليا في حضرة جلالتكم، ولكنها صرخة مواطن غيور على بلده ومؤسسات بلده، وحلمي أن أرى بلادنا كما تتطلعون إلى أن تروها؛ بلدا يعيش بكرامة، ولا مكان فيه للفاسدين. و خطابكم السامي عيد العرش 2016 شاهد على هذا:
“الفساد ليس قدرا محتوما. ولم يكن يوما من طبع المغاربة. غير أنه تم تمييع استعمال مفهوم الفساد، حتى أصبح وكأنه شيء عادي في المجتمع”.
بقلم
أشرف مجدول
