أشرف مجدول
أخبر رئيس الحكومة عزيز أخنوش العالم بأنه وقع رفقة الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الملكية المغربية حميد عدو، على عقد برنامج 2023-2037 بين الحكومة والشركة تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، لتعزيز مكانة ودور النقل الجوي في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، وذلك برفع رأسمال الشركة، ورفع أسطولها إلى 200 طائرة بدل 50.
وباطلاعي على هذا الخبر تساءلت: هل أدرك رئيس الحكومة أن التوجيهات الملكية الرامية إلى تقوية لارام تستهدف كل المستويات وليس فقط الزيادة في عدد الطائرات؟ بمعنى؛ هل اطلع رئيس الحكومة على الفساد الراسخ في الشركة، وعلى وضعية العنصر البشري بالشركة قبل التوقيع؟ أليس أساس النهوض والإقلاع لأية شركة، مهما كان حجمها، هو الترشيد الجيد والرقي بالعنصر البشري؟
من المؤكد أن رئيس الحكومة اطلع على كل شيء، لكن هل أخبر جلالة الملك بكل شيء؟ هل أخبره بأصل الداء؟ بالتأكيد لم يخبره، وإلا لكنا رأينا تحولا عميقا يستجيب لتطلعات جلالة الملك في الحد من الفساد، والرقي بوضعية العنصر البشري.
ولهذا، أستسمح أن أتكفل بإخبار جلالة الملك بما لا يخفى على أحد من العاملين والمسؤولين، لعل صوتي يصل، ويتوقف النزيف الذي يجعل كل إرادة ملكية تصطدم بواقع عنيد، فلا تتحقق.
سيدي صاحب الجلالة،
هل أخبروك بأن أرباح شركة الخطوط الملكية المغربية لهذه السنة بلغت رقما قياسيا وتاريخيا، يصل إلى مليار ونصف درهم كأرباح صافية؟ ولكن هل هذه الملايير ستذهب الى تحسين وضعية العمال والموظفين مثلما تأملون يا جلالة الملك؟ أعتقد جازما أن لغة التباكي على وضعية الشركة والديون ستظل اللغة السائدة. لأن المشكل الرئيسي السائد داخل الخطوط الملكية المغربية هو أن العديد من الموظفين المحظوظين ـ بدون مهمات ـ يستفيدون من الامتيازات بدون وجه حق.
هل أخبروك يا صاحب الجلالة بأن الرئيس المدير العام خلال الاجتماعات التي تعقد برئاسته هو الٱمر الناهي، لا صوت يعلو على صوته، حتى وزير النقل الذي له سلطة الحكومة على الخطوط الملكية المغربية والمعين من جلالتكم لا يقيم له أي اعتبار، متناسيا ما تنبهون إليه في كل خطاباتكم، وفي كلمتكم التي يتردد صداها: “إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت، وما توفيقي الا بالله
هل أخبروك يا مولاي صاحب الجلالة مثلا بأن الرئيس المدير العام تقوم الشركة أثناء سفرياته بتغيير كل مقاعد الطائرة، ويتم تركيب جناح ملكي لسيادته، ولو استطاع تغيير اسم الشركة إلى (الخطوط العدوية المغربية) لفعل.
هل أخبروك يا صاحب الجلالة مثلا بأن الشركة ـ أثناء رحلة سفر لابنة الرئيس المدير العام المصونة رفقة صديقتها إلى دولة أوروبية ـ قامت خصيصا بتغيير الكراسي المخصصة لهما حتى تسافرا في جو مريح؟ وكأن باقي المسافرين الذين يدفعون ثمن التذكرة عكسها لا يستحقون هذه الراحة.
هل أخبروك يا مولاي صاحب الجلالة بأن الرئيس المدير العام قرر إعادة توظيف الربابنة الذين سبق وتحصلوا على تعويضات ما بين 450 مليون سنتيم و650 مليون سنتيم إثر طردهم، وأعيد التعاقد معهم بموجب عقود جديدة برواتب أقل عن رواتب مساعديهم، مما يخلق صراعا نفسيا بين الربان و مساعده علما بأن التكلفة التي تكبدتها الشركة بقرار طرد الربابنة بلغت 37 مليار سنتيم. وهذا أحد التفسيرات التي تفسر الفوضى والديون الثقيلة للشركة خلال 6 سنوات الأخيرة.
هل أخبروك يا صاحب الجلالة بأن في كل مرة يعتزم عمال وموظفو الشركة القيام بإضراب للاحتجاج على الوضعية المزرية التي وصلت إليها الشركة، تقوم الإدارة باجتماع لتخبرهم بأن الإضراب فيه مس باقتصاد الدولة، وتشكك في وطنيتهم؟
هل تناست الإدارة أن عمال وموظفي الشركة هم من أعطوا خلال العديد من المحطات دروسا في الوطنية وحب الوطن عندما تنازلوا عن جزء من أجورهم من أجل منع قرار تسريح وتشريد العديد من العمال إبان أزمة كورونا؟
هل أخبروك يا صاحب الجلالة بأن هناك في الشركة من يشتغلون بعقود مؤقتة لأزيد 15 سنة في خرق سافر للقانون المغربي ولاتفاقيات منظمة العمل الدولية؟
هل أخبروك يا صاحب الجلالة بأن في أحد فروع شركة الخطوط الملكية المغربية RAMHANDLING
يعيش العمال وضعية كلها خوف وإرهاب؛ عقابات بالجملة وقرارات تعسفية تصل إلى التنقيل العقابي والطرد التعسفي، مثلما وقع مع أحد العمال الذي صدر في حقه قرار ب Dégradation abusive فقط لأن زوجة المسؤول بالشركة تأخر وصول حقائبها؟ وأن هناك قرارات انتقامية صدرت في حق عمال هذه الشركة فقط، لأنهم لم يقفوا لتحية المدير أو تحية لالتهم ر.م كما تحب أن تنادى بلالة؟
هل أخبروك يا صاحب الجلالة بأن ا.ز وهي مسؤولة عن قسم الموارد البشرية ب ATLASMULTISERVICES
التابعة لشركة الخطوط الملكية المغربية، تتفنن في إهانة كل المتقدمين لوظيفة؟ الشهود كثيرون يستعدون للشهادة، وشهاداتهم تثير الألم والغضب. يحكون مثلا عن شابة من حملة شهادة الماستر تقدمت أمامها مترشحة لوظيفة، وأثبتت خلال المقابلة كم هي متفوقة علميا، لكن السيدة المسؤولة لم تجد أدنى حرج في مخاطبة الشابة قائلة: “أنا نصحك تمشي تصاوبي وتبيعي المسمن راه فيه المستقبل وفيه الفلوس”.
ويحكون عن شاب آخر بنفس الشهادة، وأمام ذات المسؤولة، تعرض لذات الإهانة، إلا أنها اقترحت عليه بدل بيع المسمن أن يشتغل نادلا، قائلة له في نهاية المقابلة: “أنت سير خدم سرباي فشي قهوة أحسن ليك”.
وشهادات أخرى في ذات السياق يندى لها الجبين.
لعلي أطلتُ يا صاحب الجلالة، ولكن الكلمات لا تكفي لتحصر كلّ حقائق الفساد والاستخفاف التي تعيق تحقق رؤية جلالتكم، وسأخبركم في المقال القادم عن حقائق أخرى بالتفصيل هذه المرة؛ عن قرار رفع Le Taux de la Prime de Performance الى %120 التي بموجبها ستعطى منحة سنوية لمدير واحد، تساوي كل الميزانية المخصصة للأعمال الاجتماعية لمجموعة الخطوط الملكية المغربية لقرابة 5000 مستخدم، وعن التذاكر المجانية التي تمنح للمحظوظين دون وجه حق، وتتسبب في خسائر فادحة للدولة المغربية، وعن الصفقات التي لم تقدم أية إضافة للشركة، صفقات بالوثائق والأدلة زادت الأثرياء ثراء دون وجه حق، أُبرمت مع شركات وأشخاص محظوظين، مثل المحظوظة المسماة التونسية (نسبة إلى جنسيتها)، والشركة البرتغالية التي فازت بصفقة الفضيحة uniforme الخاص بموظفي الخطوط الملكية المغربية. نعم، شركة برتغالية فازت بالصفقة و استعانت بشركة مغربية وكأننا في المغرب نفتقر للكفاءات أعد الرئيس المدير العام بنشر تفاصيل الصفقة كاملة
لم يخبركم رئيس الحكومة يا صاحب الجلالة بكل هذا، ولن يستطيع أن يخبركم، لأنه يعلمُ جيدا أن هذا سيغضبكم، وأن غضبتكم الكريمة يمكن أن تطاله وتطال المقربين منه. ولكني أنا واحد من رعيتك، همه الوحيد أن تتحقق رغبتكم في أن ترى شعبكم يعيش كريما في وطنه، ومؤسساته تسودها الشفافية والنزاهة من أجل مغرب مزدهر جدير بحكمكم.
بقلم اشرف مجدول
