الرئيسية آراء وأقلام “ملك وشعب… معادلة الحكم التي تحبط كل المؤامرات”

“ملك وشعب… معادلة الحكم التي تحبط كل المؤامرات”

FB IMG 1756595967789
كتبه كتب في 20 سبتمبر، 2025 - 1:46 مساءً

بقلم الاستاذ كفيل محمد الامين العام لحزب النهضة والفضيلة

يعيش المغرب في الآونة الأخيرة على إيقاع حملات شرسة تستهدف صميم مؤسساته، وتحديداً الملكية التي تمثل جوهر التوازن والاستقرار. لم تعد هذه الحملات حكراً على خصوم معلنين، بل اشتركت فيها أطراف متعددة: صحافيون مأجورون، بعض الأصوات المغربية المهاجرة التي تقتات على خطاب الإثارة، دول تتستر وراء شعارات الأخوة، وأخرى تجهر بعدائها بلا مواربة. الهدف واحد: زعزعة إيمان المغاربة بمؤسساتهم وتشكيكهم في الثوابت التي رسختها التجربة التاريخية.

لكن قراءة المشهد بعمق تكشف أن هذه المحاولات تصطدم بحائط صلب هو الوعي الجماعي للمغاربة. هذا الشعب، الذي قد يُختزل أحياناً في صورته البسيطة والمتسامحة، أثبت أنه يملك ذكاءً استراتيجياً يجعله يفرز الحملات الموجهة من الحقائق، ويميز بين النقد البنّاء والضربات المدفوعة الأجر. لذلك بقيت هذه الحملات تدور في فلك الإعلام والفضاء الافتراضي دون أن تخترق النسيج الاجتماعي أو تؤسس شرعية داخلية.

إن استهداف الملكية في المغرب ليس مجرد معركة سياسية عابرة، بل هو مسعى لإضعاف الدولة من الداخل. فالملكية ليست عنواناً للحكم فقط، بل ركيزة لبقاء الكيان الوطني، وضمانة لاستمرار المؤسسات. ومن يظن أن زعزعتها قد تفتح الباب لديمقراطية وردية، يكرر الوهم ذاته الذي رُوِّج له إبان موجة “الربيع العربي”.

فالتجربة ماثلة أمامنا: ثورات ارتفعت شعاراتها بالحرية والكرامة، لكنها سرعان ما أفرزت أنظمة أكثر استبداداً من سابقاتها، أو دفعت بدول إلى الخراب والاقتتال. هنا بالذات برز وعي المغاربة الذين أدركوا أن اللعبة مصطنعة، وأن التلاعب بمصير الشعوب لا يجلب سوى الانهيار. لم تنطلِ عليهم حيلة القنوات الدعائية، وفي مقدمتها “الجزيرة”، التي تحولت إلى منبر لإدارة الفوضى أكثر من كونها وسيلة إعلام.

ولعل هذا الوعي هو ما جعل المغرب يمر من العاصفة بأقل الأضرار، لأن المغاربة لم ينظروا إلى الملكية كامتياز سياسي، بل كصمام أمان يضمن لهم وحدة الكيان واستمرارية الدولة. لذلك لم يكن غريباً أن يختاروا الإصلاح في ظل الاستقرار، بدل المقامرة بمصير الوطن.

اليوم، وبعد عقد من تلك التجربة، تُعاد نفس الوصفة بأدوات مختلفة: حملات رقمية، تقارير مسمومة، وشهادات مدفوعة الثمن. غير أن السياق تغير؛ فالمغاربة أصبحوا أكثر إدراكاً لأهمية مؤسساتهم، وأكثر تشبثاً بما اعتبروه خط الدفاع الأخير عن وطنهم.

إن من يراهن على هشاشة العلاقة بين الشعب والملكية يخطئ التقدير. فهذه العلاقة ليست مجرد عقد سياسي، بل رباط تاريخي واجتماعي وروحي. الملكية قد تمرض لكنها لا تموت، لأنها جزء من هوية المغرب نفسه. ومن يحاول النيل منها، إنما يصطدم بإرادة أمة قررت أن تحافظ على استقرارها، ولو كلفها الأمر الوقوف صفاً واحداً في وجه العاصفة

مشاركة