الرئيسية أحداث المجتمع معركتنا القادمة بعد كوفيد، معركة بناء الوعي

معركتنا القادمة بعد كوفيد، معركة بناء الوعي

IMG 20200730 WA0085.jpg
كتبه كتب في 30 يوليو، 2020 - 12:46 مساءً


عبد الكريم زهرات/ صوت العدالة

يواجه العالم اليوم ومن بينه المغرب، عدوا حقيقيا يتربص بالجميع، ويسعى إلى حصد المزيد من الضحايا، ورغم المجهودات الجبارة التي بذلها المغرب للتصدي لهذا العدو، والتي نجحت إلى حد ما، لكن الملاحظ بعد رفع الحجر الصحي، ارتفاع الحالات بشكل صاروخي، نتيجة لمجموعة من العوامل، كان أهمها تراخي شريحة كبيرة من المواطنين في الالتزام بأساليب الوقاية من الفيروس.

ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نحمل المواطنين وحدهم المسؤولية، بل تتقاسم هذه المسؤولية وبشكل أساسي حكومة أصدرت بعد القرارات الخاطئة، التي ساهمت بدورها في تفشي الوباء بهذه السرعة. لأن هذه الحكومة لا تدرس نفسية من تحكمهم، فرغم النداءات المتكررة التي نادى بها بعض الفاعلين السياسين والمدنيين بضرورة إلغاء عيد الأضحى مثلا، أصرت حكومتنا الرشيدة على أن العيد سيكون في موعده. والجميع يعرف ما تمثله هذه المناسبة الدينية للمغاربة، فهي مناسبة للاجتماع مع الأهل والأحباب، الشيء الذي سيؤدي لا محالة إلى انتشار الفيروس بشكل أكبر. لكن رغم ذلك تجاهلت كل هذه الأصوات، لتصدر قرارا غير محسوب العواقب في اخر لحظة بمنع السفر من وإلى بعض المدن ولم تمنح المواطنين سوى ساعات قلائل. مما خلف مآسي وحوادت خطيرة وازدحام مهول.

وفي ظل الانتقادات التي تلقتها حكومتنا بسبب هذا القرار الخاطئ، سارعت إلى تحميل المسؤولية للمواطنين لأنهم أصروا على الاحتفال بهذه الشعيرة االدينية مع اهلهم وذويهم، ” اطلع تاكل الكرموس انزل شكون قالها لك ” وكان الأولى والأسلم لصحة المواطنين أن تلغى هذه الشعيرة. بالظبط إلغاؤها سيكون له تأثير على بعض الفلاحين، لكن تعويض الفلاحين ماديا أسلم ألف مرة من الخسائر التي ستلحق بصحة المواطنين. فصحة المواطنين هي الأساس ” هذا هو الشعار التي تردده الحكومة دائما”

إن تفشي الفيروس بهذه السرعة وازدياد الأعداد الحرجة بشكل مقلق، ليس نتيجته فقط تراخي المواطنين، بل أيضا سوء تدبير المرحلة.

فكيف سنراهن على وعي المغاربة والتزامهم، ونحن لم نقدم لهم في برامجنا الإعلامية ما يبني ملكة الوعي لديهم، ويؤهلهم للتعامل السليم مع هذه الجائحة.

كيف نراهن على وعي المغاربة والتزامهم، ونحن أغرقناهم بالأفلام المكسيكية والتركية والتي لا تقدم نماذجا لبناء الوعي بل تفاهات بعضها فوق بعض.

كيف سنراهن على وعي المغاربة والتزامهم، واغلب برامج قنواتنا الرسمية غناء ورقص وتسلية غير هادفة.

كيف سنراهن على وعي المغاربة والتزامهم، والأمية تنتشر بين صفوف بعضهم، وحتى أغلب المتعلمين منهم مأخذون بمسلسلات وبرامج أقل ما يقال عنها أنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب.

إن الحكومة مسؤولية لا محالة على بناء الوعي لدى الشعب، وبدونه لن تفلح كل المجهودات التي تقوم بها.

لم يكن هدف هذه الكلمات الانتقاد لأجل الانتقاد، بل هي محاولة لدق ناقوس الخطر، فغياب الوعي اخطر بكثير من أي فيروس، لأن الفيروس يقتل في مدة معينة وغياب الوعي يقتل اجيالا وراء أجيال. إن معركتنا القادمة بعد أن نخرج من هذه الأزمة الصحية بأقل الخسائر بإذن الله تعالى، هي بناء الوعي.
والمسؤولية يتحملها جميع المثقفين والمجتمع المدني والدولة والإعلام بدون استثناء، الجميع يجب أن يساهم في بناء الوعي المغربي. لكي نواجه المستقبل بتبات وعزيمة قوية.

مشاركة