رشيد أنوار / صوت العدالة
ناقش الطالب الباحث الأستاذ الحسين بكار السباعي الحقوقي و المحامي بهيئة أكادير ، يوم الاثنين 22 دجنبر 2025، رسالة الدكتوراه في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان، وهي رسالة علمية رفيعة إختزلت تراكم تجربته وعمق رؤيته، كرجل تمرس في القانون والحقوق، وصقل وعيه المهني بسنوات مشرفة في ميدان المحاماة، مستندا إلى تكوين أكاديمي رصين بجامعة القاضي عياض بمراكش في أواسط تسعينيات القرن الماضي، قبل أن يعمق مساره العلمي وحبه للدراسات الأدبية، بنيل دكتوراه في الآداب من جامعة ابن زهر بأكادير.
وقد جاء تناوله لموضوع “التناول الإعلامي لقضايا الهجرة وحقوق الإنسان المغاربة المقيمون بالخارج أنموذجا” مشبعا بنفس نقدي رصين، يزاوج بين الحس الحقوقي والدقة المنهجية، ويكشف بعمق كيف يتحول الإعلام من مجرد وسيط لنقل الخبر إلى فاعل رمزي يصوغ الصور ويوجه التمثلات، ويؤثر في الوعي العام وصناعة السياسات. وقد شكل هذا اليوم، ومن فضاء الإنسانيات بكلية الآداب بجامعة ابن زهر، لحظة علمية متميزة ونقاش أكاديمي يليق بقيمة الموضوع وبقامة صاحبه، الذي أعاد الإعتبار لضرورة قراءة الخطاب الإعلامي قراءة حقوقية عميقة، تنصف الإنسان قبل الصورة، والكرامة قبل السرد.
وتناول موضوع الدكتوراه العلاقة الجدلية بين الإعلام والهجرة من منظور حقوقي، مع التركيز على تمثلات صورة المهاجر المغربي، ولاسيما المرأة المغربية المهاجرة، في الإعلام الرقمي الفرنسي والإسباني، وفي بعض المنابر الإعلامية المغربية، منطلقا من اعتبار الإعلام فاعل أساسي في إنتاج المعنى وصناعة التمثلات، لا مجرد ناقل محايد للوقائع.
وخلصت الدراسة البحثية التي أنجزها الدكتور الحسين بكار السباعي إلى أن الخطاب الإعلامي، رغم تنوعه وإتساع فضائه الرقمي، لا يزال في الغالب يعيد إنتاج صور نمطية إختزالية، ففي الإعلام الفرنسي تمنح المرأة المغربية حضور رمزي مشروط، يتأرجح بين الإحتفاء النخبوي أو تقديمها كضحية تحتاج إلى “تقويم ثقافي”، بينما يهيمن في الإعلام الإسباني خطاب إنساني تعاطفي يصورها كضحية صامتة للهشاشة والإستغلال، دون مساءلة بنيوية للسياسات والمسؤوليات.
وعلى المستوى الوطني، يتسم الخطاب الإعلامي المغربي بطابع إحتفالي وتمجيدي، يبرز نماذج النجاح الاستثنائي للمرأة المهاجرة، لكنه يغفل تعقيدات التجربة الحقوقية والإجتماعية، ويقصي صوت المرأة نفسها لصالح سرد مؤسساتي أو وصفي خارجي.
وتؤكد الخلاصة العامة لهذا البحث العلمي، أن إختلاف الأساليب الخطابية لا يفضي بالضرورة إلى إختلاف في النتائج، إذ تختزل المرأة المغربية المهاجرة بين نموذج الضحية أو الإستثناء، مع تغييب صوتها الذاتي، بما يستدعي الإنتقال من خطاب التعاطف أو التجميل الرمزي إلى خطاب حقوقي يعترف بها فاعلة اجتماعية كاملة.



