الرئيسية أحداث المجتمع مرضى السرطان: بين سندان المرض الخبيث و مطرقة تكاليف العلاج.

مرضى السرطان: بين سندان المرض الخبيث و مطرقة تكاليف العلاج.

IMG 20200212 WA0074.jpg
كتبه كتب في 12 فبراير، 2020 - 11:48 مساءً

صوت العدالة – فوزي حضري

عرف المغرب في السنوات الأخيرة انتشار المرض العضال أو “المرض الخايب” كما يسميه المغاربة، بشكل مهول في صفوف مختلف الفئات العمرية من كلا الجنسين، حيث يتم تسجيل ما يقارب 40 ألف إصابة كل سنة وفق آخر إحصائيات كشفت عنها وزارة الصحة.
و حسب الأرقام الرسمية، فالنساء يتصدرن عدد المصابين بهذا الداء، و يأتي سرطان الثدي على رأس قائمة السرطانات التي تصيبهن ثم سرطان عنق الرحم في المرتبة الثانية، و في المرتبة الثالثة سرطان الغدة الدرقية و سرطان القولون و المستقيم في المرتبة الرابعة. أما بالنسبة للرجال، فنجد سرطان الرئة في المرتبة الأولى يليه سرطان البروستات ثم سرطان القولون و المستقيم.
و أمام مئات الآلاف من المرضى لا نجد سوى 9 مراكز لعلاج السرطان موزعة على المدن التالية: الرباط، الدار البيضاء، أغادير، وجدة، الحسيمة، طنجة، مراكش، فاس، ومكناس و غيابها في مناطق أخرى.
و نخص بالذكر منطقة الريف التي تعرف أكبر عدد من المصابين بداء السرطان نتيجة لعوامل تاريخية تتمثل في ” الغازات السامة ” التي استخدمها الجيش الإسباني للقضاء على المقاومة الريفية الشيء الذي دفع الساكنة إلى الخروج في احتجاجات للمطالبة بتوفير مستشفى متخصص لعلاج و متابعة المرضى فيما يعرف ب ” حراك الريف “، لأن المركز المتواجد بالحسيمة لا يوفر العلاج و العناية الضروريين مما يؤدي إلى اضطرار المصابين و ذويهم لتحمل مصاريف تنقلهم إلى المدن الأخرى بحثا عن ذلك، إلا أن مطلبهم قوبل بالقمع و الاعتقالات.
و ليس سكان الريف فقط من يعانون الويلات لتلقي العلاج، بل الأغلبية الساحقة من المعوزين و ذوي الدخل المحدود الذين أثقلت كاهلهم مصاريف العلاج بما فيها من تنقل و عمليات جراحية و أدوية باهضة الثمن… ناهيك عن حالاتهم النفسية المتدهورة لينتهي بهم المطاف إما للاستسلام و انتظار الموت أو طرق أبواب جمعيات مكافحة السرطان لتمد لهم يد العون، لكن الموارد المالية لهذه الأخيرة تبقى هزيلة أمام ما تتطلبه الفحوصات الطبية و العمليات الجراحية من تكاليف دون ذكر الأدوية التي يصل ثمنها إلى 10 آلاف و 20 ألف درهم أو أكثر، الشيء الذي يحول دون مساعدة جميع من هم في أمس الحاجة إلى ذلك.
أمام تفاقم هذا الوضع المزري سنة بعد سنة، و في ظل سيادة مواقع التواصل الاجتماعي التي أوصلت صرخات و آهات هذه الفئة إلى مسامع عموم روادها و خاصة بعد إقدام طالبة جامعية تنحدر من جنوب المملكة، الشابة “فاطمة أبو درار” التي أقدمت على المجازفة بحياتها و ركبت قارب الموت نحو الأرخبيل الإسباني بعد اكتشافها لإصابتها بورم سرطاني طمعا في ” الولادة مرتين ” كما أسمت تدوينتها التي هزت قلوب المغاربة واصفة تجربتها هذه بأشرس معركة من أجل البقاء على قيد الحياة. و بعد صدور قرار مجانية علاج الأطفال المصابين بداء السرطان الذين يقل عمرهم عن 5 سنوات، ارتأى مجموعة من النشطاء و الفاعلين الجمعويين توقيع عريضة من لدن عامة الشعب، أطلقوا عليها اسم “عريضة الحياة” من أجل إحداث صندوق مكافحة السرطان، لكن الفكرة وئدت بعد خروج وزير الصحة بتصريح قال فيه أن “ميزانية الدولة المخصصة للوزارة الوصية غير كافية لذلك”، ما أثار سخطا عارما في مواقع التواصل فكانت التعليقات منتقدة له و متسائلة عن حق الصحة في المغرب باعتباره حقا مقدسا وجب على كل دولة ضمانه لمواطنيها و ذلك بتوفير المستشفيات و الأدوية اللازمة لعلاج المرضى.
وسط كل هذا الظلام المحيط بالمرضى المنتمين للطبقة الفقيرة و المتوسطة و تملص الدولة من مسؤوليتها تجاه هذه الفئة ، انبثق نور التعاون و التآزر على هيئة مجموعات فايسبوكية أهمها مجموعة “أهدي بالمجان J’offre gratuitement ” التي بينت و بالملموس أنه لايزال هناك أمل في الشباب المغربي الذي يتحلى بروح الإنسانية الغائبة لدى المسؤولين، و أنه و رغم الظروف القاهرة التي يعاني منها معظمهم و على رأسها البطالة، لا يتوانون لحظة عن مساعدة الغير كلما سنحت لهم الفرصة لذلك. و من المساعدات المقدمة، منح – أو حسب سياق المجموعة- “إهداء” أدوية من بينها أدوية علاج السرطان و مجموعة من الأمراض المزمنة كالربو و السكري ، بالمجان لمن هم بحاجة إليها دون انتظار “جود” و “كرم” اللامسؤولين.

مشاركة