لقاء دراسي حول مقترح القانون المتعلق بمدونة الحقوق العينية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على العقارات

نشر في: آخر تحديث:

نظمت  مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يومه الإثنين 20 نونبر 2017 بمجلس المستشارين، لقاءا دراسيا حول موضوع: “قراءة في مقترح قانون بتغيير المادة 2 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على العقارات”.

وحضر هذا اللقاء السيد محمد أوجار وزير العدل الذي أكد في كلمته أن المادة 02 من مدونة الحقوق العينية بصيغتها الحاليه لها تأثير سلبي على استقرار الأوضاع والمعاملات بين الأفراد، ولا تساهم في تحسين مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمار في المجال العقاري، ولا تستجيب لإنتظارات المستثمرين.

كما عرف هذا اللقاء حضور رئيس مجلس المستشارين و السيدة المنسقة لمجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل؛ وكذا عدد كبير من رجال ونساء القانون والأساتذة الجامعيين. نذكر منهم: الأستاذ محمد بعيز؛ باحث في القانون المدني، والأستاذ محمد خالد الشفقي؛ رئيس منتدى المغرب لتخليق مناخ الأعمال من أجل التنمية المستدامة للإستثمار، والسيد الصديق الأحرش؛ خبير لدى الأمم المتحدة، والدكتورة رجاء الناجي المكاوي؛ أستاذة بكلية الحقوق أكدال، والسيد محمد مهراج؛ خبير التدابير الحمائية الرقمية.

وقد نظم القانون الملكية من كافة جوانبها تنظيما دقيقا، باعتبارها محور النشاط الإقتصادي في كل مجتمع وحجر الزاوية في بنيانه الإجتماعي. فحق الملكية من أوسع الحقوق العينية وأقواها من حيث السلطات والضمانات التي يمنحها للمالك، إذ يخول لصاحبه سلطة الحصول على جميع المنافع التي يمكن الحصول عليها من الشئ موضوع الحق.

فالملكية بمقتضي المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1789 تعتبر حقا مقدسا لايجوز انتهاك حرمته، ولا يجوز حرمان صاحبه منه،إلا إذا قضت بذلك ضرورة مصلحة عامة تثبت قانونا وبشرط التعويض العادل والمدفوع مقدما، وظلت الملكية الخاصة من أبرز مظاهر حرية الانسان واستقلاله.

كما أن دستور المملكة المغربية لفاتح يوليوز 2011؛ الذي يعتبر أسمى قانون في المملكة؛ نص في الفصل 35 في فقرته الأولى: “يضمن القانون حق الملكية، ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون، إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الإقتصادية والإجتماعية للبلاد، ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون”.

وقد عرفت المادة 14 من قانون 39.08 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 الموافق ل 25 من ذي الحجة 1432 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الملكية العقارية بإنها: ” حق يخول لمالك العقار دون غيره سلطة استعماله و استغلاله والتصرف فيه ولا يقيده في ذلك إلا القانون أو الاتفاق.”

كما أن المادة 23 من مدونة الحقوق العينية تنص على أنه: ” لا تنزع ملكية أحد إلا لأجل المنفعة العامة ووفق الاجراءات التي ينص عليها القانون ومقابل تعويض مناسب.”

وترتيبا على ذلك فقد ورد في المادة الثانية في فقرتها الثانية من مدونة الحقوق العينية ” إن ما يقع من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري، لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن النية، كما لا يمكن أن يلحق أي ضرر إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب أو تغييره أو التشطيب عليه”.

هذا هو المضمون الذي جاءت به الفقرة الثانية من القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية التي لم يعرف نظام التحفيظ العقاري المغربي مثيلا لها، منذ دخول الحماية وبداية تطبيق نظام التحفيظ العقاري بالمغرب. فهذه الفقرة جاءت بمجموعة من المساوئ والأخطار على حق الملكية وعلى الضمانات التي تحوط به من كل الجوانب.

فالمتمعن الجيد لهذه الفقرة يستنتج أن صاحب أي حق عيني مسجل في الرسم العقاري يمكن له في أي لحظة أن يجد حقه قد تم حرمانه منه بسبب وثيقة أو مستندات مزورة تثبت أن المالك باع ذلك العقار وقام المشتري وسجل عقد البيع في الرسم العقاري وانتقلت إليه الملكية، وتم مرور أربع سنوات على هذا التسجيل، ولم يقم المالك الشرعي بأي إجراء لذلك التفويت المزور، فإن حقه للمطالبه ببطلان ذلك العقد والتشطيب عليه من الرسم العقاري يسقط ولا يتقادم ويضيع العقار من المالك الشرعي بذريعة أن المشتري حسب الفقرة الثانية من مدونة الحقوق العينية حسن النية.

فالحق هنا حسب هذه المادة يسقط ولا يتقادم داخل أربع سنوات من تاريخ التقييد وليس من تاريخ العلم بالواقعة، وهذا هو الخطير في الأمر، لأن هناك بعض المواطنين لا يقومون بمراجعة المحافظة العقارية بصفة منتظمة وخاصة المقيمين خارج التراب الوطني.

إن المؤسسة القضائية تبقى دائما هي الملزمة دستوريا وقانونيا أو أخلاقيا بحماية الحقوق وضمان إيصالها لأهلها و ترسيخ الأمن بكل تجلياته، ومنه الأمن العقاري، وهنا لابد من التأكيد على أن القضاء أصدر في الكثير من المناسبات أحكاما صارمة في حق المتلاعبين في قضايا العقار، لكن المقاربة الوقائية تقتضي منا أيضا بذل المزيد من الجهد والحرص، خاصة على مستوى النيابة العامة في تنسيقها مع الجهات المكلفة بالتوثيق بخصوص المعملات العقارية، المتعلقة بأملاك الغير من أجل ضبط كل حالات التزوير والنصب و الاحتيال والتعامل بجدية مع قضايا تذييل العقود بالصيغة التنفيذية المتعلقة بهذه المعاملات وكذا القيام بكافة الإجراءات اللازمة لحجز هذه العقارات التي تكون موضوع تصرفات جرمية.

و الأكيد أن كل هذه التدابير وغيرها لن تجدي إذا لم يتم خلق جو من التعبئة والصرامة والجدية والقطع مع منطق التساهل والتردد وتفعيل آليات المسؤولية والمحاسبة في مواجهة الجميع.

اقرأ أيضاً: