الرئيسية آراء وأقلام لا تصدقوا سوق السمن هذا…”

لا تصدقوا سوق السمن هذا…”

13920702 1572199499748440 7344000998534638288 n.jpg
كتبه كتب في 2 سبتمبر، 2016 - 2:12 صباحًا

بقلم الأستاذ سعيد الناوي نائب الوكيل العام للملك باستئنافية الدارالبيضاء

لا تصدقوا سوق السمن هذا…”
هذا ما قالته هند بنت عتبة للناس يوم فتح مكة…هكذا قالت عن زوجها أبي سفيان صخر بن حرب و قد أذهن القول للمسلمين و لم يجد له من أمره عزما و لا عزا لأن العزة لله و لرسوله و هو من هو في الناس، ألم يقل “أناأبو سفيان .صخر بن حرب بن أمية. ….أصبح سيد قريش بلا منازع..”؟؟! .فلما أعياه تلمس العز القديم و قد علم الناس أن لا ملجأ من الله إلا إليه أو لا مفر من القوم و قد دخلوا مكة أو كادوا إلا تلمس السلم فقال”يا أيها الناس…”من دخل دار أبي سفيان فهو آمن”. ..و لأن داره لا يمكن أن تتسع لكل الناس فقد قال .”ومن دخل المسجد فهو آمن” و لأن المسجد مكشوف و لا يتسع لكل الناس من رجال و نساء و أطفال فقد قال “و من دخل داره فهو آمن…”فلما أعابت عليه زوجه استسلامه و أوصت الناس بأن لا يصدقوا “سوق السمن هذا”، و هو من هو في القوم قال لها :”وأنت ادخلي دارك “فقالت:”نعم إن أرادت زوجة أبي سفيان أن تأمن على نفسها”،ثم قال سهيل بن عمر و هو يقصد أبا سفيان:”لا.لا.هو التاجر في حرب و في سلم ” مشاكل في أمره و بأن الرجل إنما يضارب في السلم كما كان يضارب في الحرب ،فهو هنا تاجر و هناك تاجر!!
الشاهد أن أبا سفيان كان ينقل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلمان وجوب الجنوح للسلم أن أراد القوم الجنوح للسلم فما دخلها رسول الله إلا سالما و إن السيوف لفي أغمادها ،و الشاهد أيضا أن من الناس من يغتر بشكل الناس و قاماتهم و هيأتهم حتى لإنه يحكم عليهم بالعلم أو الغنى أو القوة أو الرياسة من خلال الشكل و القامة و ما أكثر من يحكم على الناس من خلال طوله و عرضه و بشرته و نظرته أو عمامته و ما أكثر أسواق السمن و صناديق السمن أو براميل اللبن إن شئت.. حتى لأن أبا حنيفة النعمان قد غره منظر الرجل و كاد يخدعه إذ دخل عليه المسجد و هو خائض في الدرس فأراد أن يتتبث من أن ظاهر الرجل كباطنه،عالم من صلب عالم،و كيف لا يكون كذلك و شكله و مشيته و نظرته لا تقول بلسان حالها إلا أنه عالم نحرير!! فيجب أن ننزل الناس منازلهم و هكذا “جمع” أبو حنيفة رجليه تأدبا و استحياء من هذا الداخل عليه ،هذا الذي يبدو من شكله و قامته عالما ففكر و دبر في حيلة ليعرف الرجل و علمه فأشار إلى الغلام و قد أخذ يعطي هذا تمرة أو تمرتين و الآخر مثلهما ليلهي الجوع عنه و ليحافظ على تركيزه بعد أن يتركز السكر في دمه…أشار أبو حنيفة إلى الغلام بأن يغدق على هذا الذي يبدو عالما ..بأن يزجل له العطاء لكي يخرج بعض علمه..فلما أكثر عليه الغلام العطاء أراد هذا الذي ظنه الناس عالما أن يعلن كفافه و كفايته و استكفاءه من الثمر فقال”يكفوني يكفوني”و الصحيح أن يقول”يكفيني”،فانطلق لسان ابي حنيفة كما انطلقت رجلاه و قد حبسهما من ذي قبل و هو يقول ” كفاني فيك يكفوني.. هكذا يمد أبو حنيفة رجله”!!
و ذلك لانه اكتشف في الرجل سوقا للسمن بل تبين له أن الرجل كله ليس إلا سوقا من أسواق السمن. ..فلا تغرنكم أسواق السمن و تبينوا أن تصيبوا قوما بصندوق مهمل من صناديق السمن المبعثرة و ياليته كان سمنا. …

مشاركة