بعيون دامعة باكية وقلوب خاشعة راضية بقضاء الله وقدره، ودعت الأسرة القضائية يوم أمس الجمعة 10 فبراير 2023، أحد أعمدتها وأطرها القضائية الشامخة، المشمول برحمة الله وعفوه أخونا المرحوم محمد الكرمة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بوجدة الذي غادر دار الفناء إلى دار البقاء راضيا مرضيا عليه، مصداقا لقوله تعالى في محكم كتابه العزيز: يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جنني
مهما قيل في حق هذا الرجل العظيم من كلمات عزاء ورثاء تبقى قليلة في حقه، ولن تفي شأنه وقدره كقاض إنسان أسر وألهم بإنسانيته وأدبه وفكره وكفاءته وتكوينه العالي وتقواه وورعه ودمائة أخلاقه ووطنيته، كل من عاش معه وخبره عن كتب طيلة مشواره القضائي الحافل بالمنجزات والعطاءات التي ستبقى ولا شك بصمات خالدة في السجل القضائي للسلطة القضائية بمختلف محاكم المملكة التي عمل بها قاضيا ومسؤولا قضائيا بالإضافة إلى مهامه الجمعوية حيث لم يتخلف يوما عن حضور أي إجتماع من إجتماعات الودادية الحسنية للقضاة التي أعطى الكثير من أجلها ماديا ومعنويا مؤمنا بأفكارها و أهدافها وطموحات أعضائها .
ما يحز في القلب حقيقة ويعتصر الفؤاد هو أن ما نفقده اليوم من طينة هؤلاء الكبار والعظماء يصعب غدا تعويضه، والمحظوظ منا من تأطر على أيديهم ونهل من معين فكرهم
واقتدى بهديهم، فمن لا قدوة له في زمننا الحالي ليستنير بها في مشواره القضائي، كمن يقود مركبة بدون أضواء في منعرجات على شفا جرف هار.. لقد رحل عنا الأستاذ محمد الكرمة، لكنه ذكراه الطيبة وروحه الطاهرة ستبقى خالدة بيننا، نرجو الله الباري عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وشامل عفوه ومنته ويسكنه فسيح جنانه بالفردوس الأعلى رفقة الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، جزاء له على ما قدمه من جزيل الخدمات للعدالة والمواطن والوطن. مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا صدق الله العظيم
حرر بالدار البيضاء بتاريخ 11 فبراير 2023
ذ. محمد رضوان
عضو المكتب التنفيذي للودادية الحسنية للقضاة