الرئيسية أخبار القضاء كلمة السید مصطفى فارس بمناسبة الدورة التكوینیة لفائدة السادة المسؤولین القضائیین حول (تنمیة المھارات القیادیة وتعمیق المدارك المعرفیة)

كلمة السید مصطفى فارس بمناسبة الدورة التكوینیة لفائدة السادة المسؤولین القضائیین حول (تنمیة المھارات القیادیة وتعمیق المدارك المعرفیة)

IMG 20190410 WA0038.jpg
كتبه كتب في 10 أبريل، 2019 - 11:51 صباحًا

كلمة السید الرئیس الأول لمحكمة النقض
الرئیس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائیة
بمناسبة
الدورة التكوینیة لفائدة السادة المسؤولین القضائیین
حول
(تنمیة المھارات القیادیة وتعمیق المدارك المعرفیة)

يطيب لي بكل اعتزاز وتقدير أن أفتتح هذا اللقاء التكويني الهام الذي يعد لبنة أولى أساسية ضمن المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورؤيته العملية من أجل تأهيل العنصر البشري الذي يعد أساس أي مقاربة إصلاحية عميقة وشاملة بمنظومة العدالة ببلادنا .


لبنة أولى وخطوة أساسية إلتزمنا بها يوم استقبالكم بمقر محكمة النقض كأول وثاني فوج للمسؤولين القضائيين الجدد يعينون منذ تأسيس المجلس، وها نحن اليوم نشهد جميعا على هذه اللحظة المهنية المتميزة وكلنا عزم وإصرار على تطوير آفاق هذا الورش الهام ومأسسته وفق قواعد الحكامة الجيدة وتراثنا القضائي الأصيل حتى نصل إلى ما نصبو إليه جميعا من رقي وتميز وإبداع.


ولي اليقين أنه بفضل تجاوبكم وانخراطكم الفعال ستجعلون من هذه المحطة الأولى تقليدا قضائيا راسخا مميزا وبذرة لشجرة مباركة ستؤتي أكلها كل حين بفضل ربها.


فلكم مني جميعا كل عبارات الشكر والترحيب.
والشكر موصول لكل السيدات والسادة المؤطرين كل بصفته واسمه .


مع الشكر والتقدير الخاص لأحد أعلام القضاء المغربي الذي يشرفنا اليوم بحضوره المتميز ومشاركته الوازنة فضيلة الدكتور ادريس الضحاك الذي سيرتقي بحوار ” القضاة إلى آفاق التجارب الفضلى والمشاريع المتميزة ” فله منا عظيم الثناء والامتنان.


السيدات والسادة الأفاضل؛
اليوم ونحن نحتفي بالذكرى الثانية لتنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية من طرف جلالة الملك محمد السادس دام له العز والتمكين ، لا بد أن نستحضر المجهود الكبير والديناميكية القوية التي أسسها المجلس الأعلى للسلطة القضائية منذ 6 أبريل 2017 .


دينامية ترتكز على قيم الشفافية والكفاءة والأخلاقيات القضائية وتكافؤ الفرص التي حرصنا على الانضباط لها والاحتكام إليها بكل موضوعية ومسؤولية ونحن ننتقي هذه الثلة الخيرة من القاضيات والقضاة الذين يستحقون منا الكثير من التقدير والدعم والتشجيع، كجيل جديد بمؤهلات وقدرات وصفات متميزة هامة ، لكنه يحتاج بكل تأكيد إلى المساندة والتأطير لتجاوز كل صعوبات وعقبات البداية.
اليوم أنتم ممثلو السلطة القضائية بدوائركم القضائية.


وهنا لابد أن تركزوا على عمق كلمة التمثيل وعلى الأبعاد المختلفة لمفهوم الدوائر القضائية.


تمثيل السلطة القضائية، يلزمكم أن تعكسوا كل معاني المسؤولية القضائية شكلا وموضوعا، حسا ومعنى، في هندامكم كما في سلوككم وفي عملكم كما في حياتكم الخاصة.


تمثيل السلطة القضائية اليوم، يفرض عليكم التعبير عن ديناميتها الجديدة وعن قيمها الأصيلة من خلال تكريس قيم الأسرة القضائية الواحدة بين كافة المكونات سواء مع الرؤساء الأعلين أو القضاة أو موظفي كتابة الضبط أو باقي الفاعلين من مهنيي العدالة.


اليوم لا بد أن تبنوا جسورا للتواصل وتحصنوا عملكم بالقيم والممارسات الفضلى وتعبروا عن إرادة حقيقية وتجاوب مع كل الانتظارات، انصتوا لنبض الشارع وفعلوا كل آليات الاستماع للشكايات وأعطوها العناية التامة اللازمة لها ومواكبتها دون تهاون أو إهمال.


لا يمكننا أن نكرس الثقة في السلطة القضائية ونحن نهدر الزمن القضائي ونتهاون في البت في قضايا الناس ومنازعاتهم متذرعين بعلل وأسباب مختلفة.


محاكمنا يجب أن تكون فضاءات لإنتاج عدالة ناجعة فعالة قريبة إنسانيا وروحيا من الانتظارات.
محاكمنا يجب أن تكون ملاذا لفض النزاعات لا لتعقيدها وفضاءا للثقة والاطمئنان لا للشك والالتباس.
لقد ولى عهد المسؤول الذي لا يغادر كرسيه ويغلق عليه أبواب مكتبه.
لقد أصبح مطلوب منكم اليوم تدبير العلاقات مع كافة الفاعلين الإداريين والمؤسسات المشاركة في إنتاج العدالة وتبسيط الإجراءات والمساطر والمساهمة في تحديث منظومة العدالة بكل انفتاح وإبداع.
المسؤول القضائي الذي يريده مغرب اليوم يجب أن يمارس مهامه في مزاوجة بين المرونة والشدة والحزم والحكمة وأن يؤطر العمل القضائي بدائرته مع ضمان تام لمبدإ استقلال القضاة وحيادهم ويكرس الأمن القضائي ويحمي الحقوق والحريات ويسهر بكل فعالية على التطبيق السليم والعادل للقانون داخل آجال معقولة.
والرهان معقود عليكم، لتكونوا المسؤول القضائي الذي يستحقه مغرب اليوم .
السيدات والسادة المسؤولون القضائيون؛
سيتاح لكم على امتداد أيام هذه الدورة التكوينية فرصة النهل من علم ومعرفة قامات ومسؤولين راكموا على امتداد سنوات طوال خبرة قضائية ومعرفة إدارية وتجربة تواصلية نعتبرها بحق رأسمالا لاماديا وطنيا.
مؤطرون خبراء بمعايير دولية سيتقاسمون معكم تجاربهم ورؤيتهم بخصوص مواضيع عملية دقيقة بالغة الأهمية سواء خلال الجلسة العامة أو ورشتي العمل المخصصتين للسادة الرؤساء المحاكم أو وكلاء الملك.
وقد حرصنا على أن نخصص لكم هذا التدريب ونحن واعون بأن المسؤوليات المنوطة بكم وما تفرضه التحولات الوطنية والدولية من التزامات ومهام كلها تستوجب أن نوفر لكم كافة ضمانات الاستقلال وشروطه المادية والمعنوية، مع تأهيل باقي الشركاء من أسرة العدالة للعمل بنفس الوتيرة والآليات لتكون السلطة القضائية في مستوى الرهانات.
أكيد إنها التزامات كبرى تلزمنا وتلزمكم بتطوير مهاراتكم وقدراتكم ووضع تصور واضح بأهداف ورسالة والعمل بكل تضحية ونكران ذات وضمير مسؤول كما أكد ذلك جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده .
كما أنها التزامات تفرض عليكم الحفاظ على خصوصية مهام الإدارة القضائية وحرمة العمل القضائي والتعامل مع آليات التواصل المختلفة بكل مسؤولية ووفق قواعد وضوابط التحفظ القضائي.
وهذا من المواضيع الأساسية التي يجب التعامل معها بكل حزم وانضباط لأنها تطرح العديد من الإشكالات ذات الطبيعة القانونية والأخلاقية ليس فقط على المستوى الوطني بل وحتى الدولي حيث إن المؤتمر العالمي للقضاة القادم المزمع تنظيمه بدولة كازخستان وضع في صلب نقاشاته الأساسية محورين من ضمن ثلاثة يتعلقان بعلاقة القضاة بوسائل التواصل الاجتماعي وبوسائل الإعلام.
مما يجعلنا أيضا في خضم هذا البعد العالمي ملزمين بإيلائه العناية الكاملة والحرص التام من أجل ممارسة سليمة للعمل القضائي في كل مستوياته وأبعاده.
وفي هذا السياق ومن موقعنا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية سنبقى في تواصل تام معكم حريصين على تتبع مساراتكم ودعم جهودكم وتقييم أعمالكم وتوفير المناخ الملائم لكم حتى تؤدوا رسالتكم في أحسن الظروف والإمكانات.
فكونوا حريصين، السيدات والسادة المسؤولين القضائيين، على التفاعل الإيجابي مع كل أشغال وتوجيهات مجلسكم الأعلى، وبادروا إلى بسط كل الإشكاليات التي تواجهكم وقدموا تصوراتكم التي ترونها جديرة بالتطبيق وساهموا في تطوير العمل القضائي بدوائركم وتوحيده في انسجام مع المبادئ الراسخة المستخلصة من قرارات محكمة النقض وساهموا في عقد لقاءات وندوات وتدريبات وورشات علمية وعملية هادفة واحرصوا على إصدار الدلائل والنشرات والمجلات التي تعرف بمجهوداتكم وبالمؤسسة القضائية واجتهاداتها، وافتحوا باب التشاور مع من سبقكم من قدماء القضاة الذين قضوا سنوات طوال من الممارسة والمسؤولية القضائية، وانهلوا من فيض تجربتهم وخبرتهم وحافظوا على تراثهم وأصولهم.
وتذكروا أنكم ستكونون قدوة ونموذجا للأجيال القادمة.
فكل الدعاء لكم بمزيد من التألق والنجاح والتوفيق والسداد .

” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”.

مشاركة