الرئيسية أحداث المجتمع كراء الملك العمومي.. بين فوضى مقننة وشرعنة للابتزاز

كراء الملك العمومي.. بين فوضى مقننة وشرعنة للابتزاز

IMG 20250625 WA0077
كتبه كتب في 25 يونيو، 2025 - 6:45 مساءً

ما الذي يحدث حين تتحول الشوارع والأزقة ومداخل الأسواق والحدائق وحتى الشواطئ إلى فضاءات مكراة تحت غطاء “تنظيم مواقف السيارات”؟ وهل يجوز أن يتحول من أوكِلت إليهم مسؤولية حماية المصلحة العامة إلى من يضفّون الشرعية على استغلال غير قانوني للملك العمومي، ضدا على القوانين التنظيمية الصريحة؟
إن واقع كراء الفضاءات العمومية لما يُعرف بـ”حراس السيارات” أو “الجيلي الأصفر”، يطرح أسئلة جوهرية حول احترام القانون رقم 57.19 المتعلق بالأملاك العقارية للجماعات الترابية، لاسيما المادة الخامسة منه، وكذا مدى الالتزام بمقتضيات الفصل 94 من القانون التنظيمي رقم 113.14، الذي يُحدد اختصاصات رؤساء الجماعات دون أن يمنحهم صلاحية كراء الملك العام إلا وفق شروط قانونية واضحة.
ما نعيشه اليوم في عدد من المدن، وفي مقدمتها مدينة مراكش، هو تطبيع صريح مع فوضى مهيكلة؛ حيث تُفوّت الأزقة ومحيط الأسواق والشواطئ لأشخاص لا سند قانوني لهم، في انتهاك صارخ لحقوق المواطن، وتكريس لمنطق الابتزاز في الفضاءات العمومية. عدد من هؤلاء الحراس لا يترددون في فرض إتاوات على المواطنين، وبعضهم من ذوي السوابق القضائية، يمارسون “البلطجة” في وضح النهار دون حسيب أو رقيب.
وفي الوقت الذي بدأت فيه مدن كـأكادير، طنجة، الدار البيضاء والنواصر في اتخاذ إجراءات حازمة لتنظيم هذا القطاع، ما تزال مراكش ترزح تحت وطأة احتلال يومي للملك العام، في ظل تساؤلات مشروعة حول من يتحمل مسؤولية هذا الوضع غير السوي.
فهل تتحمل عمدة مراكش المسؤولية عن استمرار هذه الفوضى؟ وهل سيتدخل والي جهة مراكش آسفي كما فعل نظراؤه في مدن أخرى؟ وماذا عن دور وزارة الداخلية في تفعيل مقتضيات القانون، خصوصًا المادة الخامسة من القانون 57.19، لوضع حد لهذه الممارسات التي تمس بصورة مباشرة كرامة المواطن وأمنه اليومي؟
إن المسؤولية مشتركة: بين منتخبين يغضّون الطرف أو يسهّلون الوضع، ومواطنين استسلموا للأمر الواقع، في ظل غياب الشكاوى والدعاوى القضائية التي كان من الممكن أن تفعّل آليات المحاسبة.
تطهير الفضاء العام من الفوضى والاحتلال غير المشروع لا يرتبط فقط بتطبيق القانون، بل هو معركة كرامة، تهم كل فرد في المجتمع. إن الحق في استخدام الملك العمومي دون تهديد أو ابتزاز هو أساس للعيش المشترك، وللسلم الاجتماعي الذي لا يمكن أن يتحقق في ظل ازدواجية بين نصوص قانونية صارمة وواقع يومي منفلت.
السؤال الذي يبقى مطروحًا بإلحاح:
إلى متى سيبقى البعض فوق القانون؟
وأين تبدأ هيبة الدولة، وأين تنتهي حدود التساهل مع الفوضى؟

مشاركة