الرئيسية آراء وأقلام قضية الصحراء المغربية بين الجبهة الداخلية والازدواجية الخطاب الدولي

قضية الصحراء المغربية بين الجبهة الداخلية والازدواجية الخطاب الدولي

IMG 20220829 WA0017.jpg
كتبه كتب في 29 أغسطس، 2022 - 3:12 مساءً

بقلم الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية

بوحشلاف عبد الجليل بوحشلاف

            تقوم أجهزة الأمم المتحدة بمباشرة عدة اشكال من النشاطات في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين لا يعد خطر في حد ذاته، بل يؤثر على مجالات الأخرى في العلاقات الدولية، كما نلاحظ اليوم في الأزمة الروسية الأكرونية الأروبية العالمية في تأثيرها على الأمن الطاقي والغذائي للدول.

       وقد عرضت الكثير من المنازعات على الأمم المتحدة، ومن بينها المشكل القائم في الصحراء المغربية، أصل المشكل أنه  في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين احتد الصراع بين القوى الاستعمارية لفرض سيطرتها على ما تبقى من الدول المستقلة بالقارة الإفريقية، وكان الاهتمام منصبا على المغرب، اعتبارا لموقعه الإستراتيجي وقربه من أوربا، وما يزخر به من ثروات.

   وهكذا خضع المغرب لنظام استعماري فريد من نوعه، تجلى في تفتيته إلى مناطق خاضعة لإسبانيا (الشمال والجنوب) وأخرى خاضعة لفرنسا (الوسط) ، بالإضافة إلى وضع مدينة طنجة تحت نظام دولي. ومع استقلال المغرب سنة 1956 حرصت إسبانيا على تعزيز تواجدها بالأقاليم الجنوبية وبتر الصحراء من التراب المغربي.

             وأمام عزم إسبانيا على استحواذها على الصحراء، بدعوى أنها كانت أرضا خلاء لا مالك لها، اختار المغرب مواجهة الطرح الإسباني على ثلاث جبهات، أولا بالاتصالات الثنائية مع إسبانيا نفسها، وفي الجبهة الثانية اعتمد على إيفاد مبعوثين إلى العالم لعرض وجهة نظره في قضية الصحراء ، مع توضيح مرامي إنشاء كيان انفصالي في المنطقة، باعتبار ذلك يشكل انتهاكا لسيادة المغرب وتمزيقا لوحدته الترابية، وانصب التحرك المغربي في الجبهة الثالثة على الاحتكام إلى القانون الدولي، وفي سنة 1974 تم عرض النزاع مع إسبانيا على محكمة العدل الدولية.

وفي الثالث عشر من دجنبر 1974، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3292 القاضي بعرض مشكلة الصحراء ”الغربية” على محكمة العدل الدولية في لاهاي لبيان رأيها الاستشاري حول مسألتين هما:

هل كانت الصحراء ”الغربية” قبل الاستعمال الإسباني أرضا لا مالك لها؟

ما هي الروابط القانونية بين هذا الإقليم وبين المملكة المغربية والمجموعة الموريتانية؟

وبعد استماع المحكمة الدولية إلى مرافعات الأطراف المعنية ودراسة وثائقهم المقدمة، أعطت رأيها الاستشاري في السادس عشر من أكتوبر 1975 وجاء في ستين صفحة.

وحول السؤال الأول الموجه إليها والمتعلق بوضع أرض الصحراء ”الغربية” غداة الاستعمار الإسباني لها، وما إذا كانت أرضا لا سيد لها، أجابت المحكمة بأن الصحراء الغربية اعتبارا من عام 1884 لم تكن أرضا سائبة، بل كانت مأهولة بالسكان الخاضعين لسلطة اجتماعية وسياسية يمارسها عليهم شيوخ القبائل.

أما في شأن السؤال الثاني  فقد أكدت المحكمة على وجود روابط بيعة بين السلطان الذي يحكم المغرب وبعض القبائل.

             إن نزاع الصحراء منذ عرضه على منظمة الأمم المتحدة بجمعيتها العامة وخصوصا بلجنة تصفية الاستعمار، وبعد صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 1975، وتنظيم المسيرة الخضراء من طرف المغرب، اضطرت الأمم المتحدة إلى طرح النزاع أمام أنظار مجلس الأمن، خصوصا بعد تعدد الأطراف وتشابك مصالحها.

     وكما هو معروف، فبعد فشل منظمة الوحدة الإفريقية في التعامل مع هذه القضية، خاصة بعد الخطأ التاريخي للمنظمة لقبولها كيان وهمي اسمه ”الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” والذي  ترتب عليه انسحاب المغرب من هذه المنظمة سنة 1984، لخروجها عن الشرعية الدولية بقبولها كيانا مزعوماأحيل هذا النزاع مرة أخرى على أنظار منظمة الأمم المتحدة ولكن هذه المرة ليس كقضية لتصفية الاستعمار، بل كخلاف إقليمي تتنازع فيه أطراف عربية إفريقية وكقضية لاستكمال الوحدة الترابية بالنسبة للمغرب، حيث تميزت المرحلة الثانية بتعامل الأمم المتحدة مع القضية بتكثيف أدوار الأمين العام الأممي  ومجلس الأمن قصد التوصل إلى حل للأزمة.

         وقد انطلقت تحركات المنظمة الأممية في هذا الاتجاه من مخطط السلام الذي سبق للمنظمة الإفريقية أن وضعته وشرعت في تنفيذه قبل أن يتوقف مع انسحاب المغرب من المنظمة.

وحاليا تعد مشكلة الصحراء إحدى أعقد المشاكل التي نالت قدرا من الاهتمام والجهود الدولية لحلها. لكن الكثير من هذه الجهود لا يتناسب مع ما تحقق، فالمشكل لا زال قائما منذ عقود، ولم تتراوح مواقف أطراف النزاع الموقف الأصلي المرتبط بالتشبث بموقفي الانفصال بالنسبة ”للبوليساريو” وبقاء الإقليم تحت سيادة دولة موحدة، بالنسبة للمغرب.

وربما يعود هذا في الأساس إلى طبيعة التعقيدات التي ترتبط بهذا الملف، والتي جعلت جهود الأمم المتحدة والجهود الدبلوماسية الأخرى لا تثمر حلا نهائيا لهذه المشكلة التي تجاوز عمرها أربع عقود من الزمن.

إن الحديث عن قضية الصحراء يعني الحديث عن إشكالية معقدة ومتشابكة، استغرقت مجهودات دولية ووضعت لها سياسات محلية بميزانيات ضخمة، وهي تعتبر أطول قضية عرفها التاريخ الحديث فيما يتعلق بتسوية خلافات على أرض متنازع عليها

ولقد أثبتت تطورات المواقف والأحداث أن النزاع في عمقه، هو نزاع بين المغرب والجزائر التي اختارت تبني خيار دعم انفصال هذه الأقاليم لاعتبارات جيوستراتيجية في أفق تحقيق مكاسب إستراتيجية، وقد يدخل ذلك في الفهم التقليدي لعقيدة الصراع حول المصالح والتنافس على السيادة والزعامة في منطقة المغرب العربي، فالسياسة الجزائرية تقوم أساسا وبطريقة قارة على مفهوم تقرير المصير.

كما قلنا إذا كانت الأمم المتحدة، قد اهتمت بهذه المشكلة منذ الستينات فإنه يلاحظ أن مجلس الأمن لم يعالج هذا الملف بشكل منتظم إلا في نهاية الثمانينات بعدما نجحت وساطة الأمين العام للأمم المتحدة ”بيريز ديكويلار” في التوصل إلى اتفاق بين المغرب وجبهة البوليساريو، ومنذ ذلك الوقت دأب مجلس الأمن على متابعة جهود البحث عن تسوية لهذا الملف في إطار مقتضيات الفصل السادس من الميثاق، وهو الفصل الذي يطبق في الحالات التي يكون فيها الخلاف لا يمثل إلا نسبة ضعيفة للتحول إلى نزاع مسلح أو عندما يكون هنالك اتفاق للسلام أو لوقف إطلاق النار قد أبرم بين الأطراف، أو عندما تكون الأطراف قد عبرت عن إرادتها لتسوية خلافاتها بالطرق السلمية

وتتجلى أهمية حل هذا النزاع المفتعل في ظهور مخاطر جيوسياسية جديدة في المنطقة، وهي مرتبطة بالإستراتيجية الجديدة للإرهاب الذي أصبح يهدد شريط الساحل الصحراوي الذي بات يتحول تدريجيا إلى مرتع للإرهاب بسبب هشاشة دول المنطقة وعجزها عن توفير شروط الحماية الترابية لإقليمها وحدودها، وكذلك تغلغل الفكر الراديكالي بسبب ضعف الاستجابة للمطالب الاجتماعية الضرورية للسكان هذا من جهة، ومن جهة ثانية تتمثل في استكمال المغرب لوحدته الترابية وحفاظه على تنوعه الثقافي.

           ومرت قضية الصحراء المغربية بمحطات مختلفة تمثلت بوقف إطلاق النار  وتعين  بعثة المينوسو  لمراقبة  احترام الأطراف للاتفاق السلام  مع العديد من المفاوضات  المباشرة والغير المباشرة   و مبادرة المغربية   للحكم الذاتي التي  لقت اشادة  اممية  لطي  هذا النزاع المفتعل الذي عمر طويلا مع تعين العديد من  المبعوثين الأمميين  للمنطقة أخرهم السيد ستافان ديمستورا.

       كما توالت  ردود الأفعال من المجتمع  الدولي إزاء قضية الصحراء المغربية  في مختلف المنتديات  والملتقيات الدولية  إلا أن التصريحات والمواقف من بعض الدول التي تعتبر المغرب  شريكا استراتيجيا ومحوريا  وهنا نخص بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي  من جهة الأخرى  يعتبرهم المغرب شركاء موثوق فيهم .

خاصة فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمملكة. لكن اعتراف الإدارة الأمريكية بمغربية الصحراء شكل نقطة فاصلة في تحديد الشركاء الحقيقيين من المزيفين الذين يجيدون المرواغة في الخطاب خاصة الجارة الشمالية للمملكة التي لم تحدد بشكل فعلي موقفها من الوحدة الترابية للمملكة  مما جعل  المغرب غيرة  ما مرة يوجه  لها رسائل شديدة اللهجة  حتى  وصل  بذلك إلى استدعاء السفيرة المغربية بمدريد  مما جعل  إسبانيا  تفهم جيدا الدرس  أن   المغرب لايقبل المساومة  عندما يتعلق الأمر بوحداته الترابية  التي رتوت  بدم شهدائه الأبرار وتبقى تصريحاتها الرسمية فضفضة تحتمل التأويل وفي فلكها نجد فرنسا الشريك الأول للمغرب في المجال الاقتصادي والسياسي   لكن موقفها يبقى غير صريح  العبارة ، وذلك من  أجل عدم  تلقي غضبة من حكام  القصر المرادية

ولعل  الخطاب الملكي   الآخر  بمناسبة  الذكرى التاسعة وتسون  لثورة  الملك والشعب شكل مناسبة لوضع النقط على الحروف  فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية  حيث اكد على أن الموقف الأمريكي  الثابت حافزا ولا يتغير  بتغير الإدارات   الأمريكيةولا يتغير الظرفيات، الدولية  إضافة إلى تثمين موقف إسبانيا التي تعرف جيدا جذور  النزاع  المفتعل وأسس  هذا الموقف  الإيجابي  لايتغير  بتغير الظروف  والإقليمية ولا التطورات السياسية الداخلية علاوة على ذلك فقد سمى الملك الدول بأسمائها  تعبير لهم أواصر الأخوة  التي تجمع المملكة  بهذه الدول سواء  الدول الأوروبية والدول العربية والافريقية ورسالة واضحة للدول  التي تم استثنائها من الذكر  مع تذكير المجتمع الدولي أن المغرب  يعتبر قضية الوحدة الترابية للمملكة هي المعيار لتحديد منطق الشراكة والصداقة والتعاون على مستويات مختلفة .

ويعد البيت الداخلي ا إحدى المرتكزات للدفاع عن القضية الوطنية الأولى لذي ينطلق من المسار التنموي لمختلف جهات المملكة  لتحقيق التنمية المنشودة وتجاوز التفاوتات الاجتماعية والمجالية  خاصة في الأقاليم الجنوبية للمملكة  فيما يتعلق بالنيات التحتية و المنشاءات العامة مع إبراز دور الجهة رقم 13 في الدفاع عن القضايا الوطنية في مقدمتها قضية  الصحراء المغربية  مع التأكيد على ضرورة  توفير الدعم لمغاربة العالم في  تسهيل المساطر الإدارية سواء في القنصليات المملكة  في دول العالم وكذا  للاستثمار في الوطن  فبرغم من المجهودات المبذولة في هذا المجال فهناك تذمر  من طرف مغاربة المهجر من  الصعوبات التي  تعترضهم في الحصول على الوثائق في القنصليات  وكذا التعقيدات  في المساطر للاستثمار في أرض الوطن.

برغم المجهودات المبذولة   من طرف الدولةإلا أن هناك تعثرات في المشاريع  والبرامج تحتاج على حلول آنية  ومستعجلة لجعل الصحراء المغربية مثالا للمسار التنموي   لمختلف جهات المملكة.

اما فيما يتعلق  بالتطورات الأخيرة  المتعلقة باستقبال الرئيس التونسي المنبوذ داخليا من مختلف الأطياف التونسية  لمايسمى ابن البطوش زعيم مليشيات البوليزاريو على هاشم القمة اليابانية  الأفريقية  يؤكد ان الجزائر  تعيش أزمة داخلية أردت من خلال دولارات البترول شراء ذمة الرئيس التونسي لخدمة اجندتها  المزعزة  للاستقرار المنطقة  وهذا ما استغرب له العديد من الدول الإفريقية والشريك الياباني لهذا الاستفزاز لا أخلاقي وهنا لا بد من تذكير التونسيين وعلى رئسهم الرئيس التونسي قيس سعيد لما جاء في تصريحات الملك الراحل الحسن الثاني حول تونس حيث قال” انه لا يمكن  زعزعة أمن تونس بعد أحداث قفصة ومع مرض الوزير الأول  الهادي نويرة ، قال ان استقرار  تونس لاي مكن زعزته لأن تونس هي شعب  ولا يمكن زعزعة  استقرار شعب، لكن مسح الوعي التونسي يتطلب  قنبلة ذرية أو قنبلة ذرية لمسح تونس من الخريطة وان المغرب لن يتوالى عن الدفاع عن تونس  إذا تعرضت لاعتداء لسي إعلاميا  بل عسكريا . وعلى الدول العربية أن تعي ان المغرب لم يدخر جهدا  في الدفاع عن الأمة  العربية   وقضاياالعروبة والمصالح العربية  في مختلف  المجالات وفي مختلف المحطات والتاريخ يشهد على ذلك.

فالجارة الشرقية تعاني عزلة دولية ومشاكل داخلية  امام الانتصارات الدبلوماسية المغربية في أمريكا اللاتينية  وأفريقيا جعلت الساسة وصناع القرا ر في الجزائر يصابون بالسعار أمام خروج معهد باستور عن الخدمة لتلقي  الجرعات اللقاح اللازمة .  فل يعي الشركاء وغير الشركاء أن المملكة المغربية لن ولن تتخلى  عن حبة رمل من صحرائها  العزيزة  .

مشاركة