الرئيسية أحداث المجتمع دكاترة التربية الوطنية يُطلقون ناقوس الخطر: هل تتحول انتكاسة الانتقاء إلى شرارة غضب وطني؟

دكاترة التربية الوطنية يُطلقون ناقوس الخطر: هل تتحول انتكاسة الانتقاء إلى شرارة غضب وطني؟

IMG 20250711 WA0122
كتبه كتب في 12 يوليو، 2025 - 12:33 صباحًا

في زمن يُفترض أن تنتصر فيه الكفاءة وتُكرَّم فيه النخبة العلمية، وفي قطاع يُعد من أكثر القطاعات ارتباطًا بمستقبل البلاد واستقرارها الاجتماعي، تعالت أصوات دكاترة وزارة التربية الوطنية احتجاجًا على ما اعتبروه انتكاسة حقيقية لقيم الاستحقاق وتكافؤ الفرص، إعلان نتائج الانتقاء الأخيرة لشغل مناصب أستاذ باحث فجّر موجة من الغضب وسط المئات من الدكاترة، الذين وجدوا أنفسهم خارج دائرة الاعتراف، رغم مساراتهم العلمية المتينة، ونضالاتهم الطويلة من أجل تثبيت موقعهم ضمن المنظومة التربوية.

اتحاد دكاترة المغرب، الذي طالما تبنّى خطابًا مسؤولًا ودافع عن حق الكفاءات الوطنية في الإنصاف، خرج هذه المرة ببيان شديد اللهجة، وصف فيه ما جرى بأنه “تمييز ممنهج” و”سقوط أخلاقي ومؤسساتي” يضرب في العمق مصداقية الوزارة، ويُحوّل حلم الإنصاف إلى سراب.
البيان لم يكتفِ بوصف الوضع، بل أعلن صراحة عن استعداد أعضاء الاتحاد لخوض كافة الأشكال النضالية، بما فيها خيار الإضراب المفتوح، في حال تمادت الجهات المعنية في التجاهل، واستمرت في تبرير ما لا يمكن تبريره.

وفي تصريح خاص للموقع، قال الدكتور عبد الإله طلوع، دكتور في القانون العام والعلوم السياسية وأحد المناضلين البارزين في التنسيقية، إن ما جرى لا يمكن وصفه إلا بكونه “إقصاءً ممنهجًا” لمن ناضلوا سنوات طويلة من أجل الاعتراف بمكانتهم العلمية داخل المنظومة. وأضاف: “إنها خيبة بحجم الوطن، وتكريس لسياسة تهميش ممنهجة لا يمكن أن تبني تعليمًا جيدًا ولا عدالة وظيفية”.
وأشار إلى أن عددًا من الملفات التي تم قبولها لا تملك في رصيدها العلمي إلا عناوينًا سطحية، في حين تم إقصاء دكاترة راكموا سنوات من البحث والنشر والإنتاج الأكاديمي الرصين، فقط لأنهم ليسوا من المحظوظين أو المنتمين إلى شبكات الولاء.

في ذات السياق، طالب اتحاد دكاترة المغرب بضرورة إيقاف هذه العملية فورًا، قبل الإعلان الرسمي عن اللوائح، داعيًا إلى إخضاعها لتدقيق نزيه ومستقل، يكشف مدى قانونية المساطر المتبعة، ومدى انسجامها مع مقتضيات الدستور، خاصة ما يتعلق بتكافؤ الفرص والشفافية في التوظيف.
كما دعا الاتحاد إلى ضرورة معالجة هذا الملف معالجة شاملة وجذرية، عبر إصدار مرسوم خاص يُدمج بموجبه الدكاترة في إطار أستاذ باحث، وتفعيل المادة 35 من النظام الأساسي، بما يتيح توجيه هذه الكفاءات العلمية نحو البحث والتكوين داخل مختبرات الأكاديميات الجهوية والمديريات.

الاتحاد لم يُخفِ كذلك استياءه من منطق “التفصيل على المقاس” الذي بات يُميز تنظيم المباريات داخل الوزارة، داعيًا إلى القطع مع هذا العبث، والتعامل مع ملف الدكاترة باعتباره ورشًا استراتيجيًا لا يقبل الحلول الترقيعية، فالرأسمال البشري المؤهل هو أساس أي إصلاح تربوي جاد، وأي تهميش لهذه الكفاءات يُعد بمثابة رصاصة في قلب الجودة والمردودية.

وفي ختام تصريحه، قال الدكتور طلوع: “إما أن تعترف الدولة بكفاءة أبنائها وتحتضن طاقاتهم، أو أن تواصل إنتاج الإحباط واللامبالاة. نحن لسنا مطالبين بامتيازات، بل نطالب بحقّنا في موقع يليق بعلمنا ونضالنا، وبما نص عليه الدستور نفسه”.

هي لحظة مفصلية، إذن، في العلاقة بين الدولة ونخبها العلمية داخل المدرسة العمومية. لحظة تُطرح فيها أسئلة الثقة والمشروعية، وتُختبر فيها إرادة الإصلاح الحقيقية. فهل ستتحمل الوزارة مسؤوليتها الأخلاقية والمؤسساتية وتعيد النظر في مسار الانتقاء؟ أم أننا أمام منعطف جديد من فقدان الثقة بين من يُنتظر منهم إنقاذ التعليم، ومن يُفترض أنهم يسهرون على تجويده؟

مشاركة