الرئيسية غير مصنف في مؤتمر علمي بجامعة بني ملال.. باحثون يحذرون من خطر الشعبوية والثورة الرقمية على إنسانية الإنسان

في مؤتمر علمي بجامعة بني ملال.. باحثون يحذرون من خطر الشعبوية والثورة الرقمية على إنسانية الإنسان

IMG 6541 1
كتبه كتب في 27 أبريل، 2025 - 1:25 صباحًا

عزيز بنحريميدة-صوت العدالة-

حذر عدد من الأكاديميين والباحثين المشاركين في المؤتمر الدولي المنعقد بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، أيام 24 و25 و26 أبريل 2025، من المخاطر المتزايدة التي تطرحها الشعبوية والثورة الرقمية على القيم الإنسانية، مؤكدين على ضرورة التوازن بين حماية الحريات ومواجهة التضليل الإعلامي.

في مداخلة تحت عنوان “خطاب الشعبوية في الإعلام الرقمي بين التضليل والهيمنة”، اعتبر الأستاذ الباحث ورئيس شعبة اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، إدريس جبري، أن “الشعبوية والثورة الرقمية خطران داهمان يُهدّدان إنسانية الإنسان”. وأوضح أن الظاهرة الشعبوية أصبحت عابرة للحدود، تتسلل إلى مختلف التنظيمات السياسية والاجتماعية، سواء كانت يسارية أو يمينية أو وسطية.

وسلط جبري الضوء على الأساليب التي يتبعها الخطاب الشعبوي، حيث يتبنى ما سماه بـ”الخطاب الطهراني”، ويدعي تمثيل صوت الشعب، مشيرا إلى أن المخيال الاجتماعي يربط “الشعب” بالنقاء والطهارة، وهو ما يفسر شعارات مثل “حنا ولاد الشعب” التي تتردد في ساحات الاحتجاج ومواقع التواصل الاجتماعي.

وحذر الباحث من خطورة استعداء النخب بمختلف مكوناتها الاقتصادية والسياسية والثقافية، ملاحظا أن الشعبوية تسعى إلى شيطنة هذه النخب واتهامها بالفساد والانتهازية، عبر شعارات ومقولات مضللة. وأضاف أن هذا الوضع أدى إلى “نهاية الرأي العام لحساب الرأي الشعبوي”، مع تراجع مكانة الحقيقة والمعرفة أمام تفشي الزيف والكذب في الفضاء الرقمي.

وفي السياق ذاته، تساءل جبري عن مصير الأفراد في حال توقف الهواتف والإنترنت، قائلا: “ربما سنُصاب بالاكتئاب واليأس”، في إشارة إلى الارتهان الشديد للوسائل الرقمية.

من جانبه، دعا الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد حفيظ، إلى تجنب التخويف المفرط من وسائل التواصل الاجتماعي، موضحا أن المغرب شهد في السابق صحفاً ورقية كانت تختص بنشر أخبار الجريمة، دون أن تثير الذعر العام. واعتبر حفيظ أن التطور التكنولوجي لا يمكن مقاومته حتى ببناء “جدران إسمنتية”، محذرا في الوقت نفسه من استغلال قضايا مثل الجريمة الإلكترونية للتضييق على حرية التعبير.

وفي مداخلته بعنوان “اللغة والخطاب السياسي: بعض قضايا الإعلام والتواصل”، لفت حفيظ إلى أن النشطاء الرقميين ليسوا صحافيين محترفين بالمعنى القانوني، لكن القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر يمكن أن يطبق عليهم، داعيا إلى التفكير في إمكانية تعديل هذا القانون للفصل بين الصحفيين المهنيين والناشرين الرقميين.

وحذر حفيظ من ظاهرة “الذئاب المنفردة”، موضحا أن عدداً من الصحافيين غادروا المؤسسات الإعلامية التقليدية نحو فضاءات حرة كـ”اليوتيوب”، مما قد يطرح إشكالات تتعلق بغياب الضوابط المهنية التي تحكم العمل الإعلامي المنظم داخل المؤسسات.

في جلسة أخرى ضمن المؤتمر، أوضح المهدي النقاش، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ببني ملال، أن “كل صحافي ناشر، لكن ليس كل ناشر صحافياً”، مميزاً بين صناعة المحتوى الصحفي والنشر العادي، ومؤكداً أن النيابات العامة تتعامل مع الصحافي المهني وفق قانون الصحافة، سواء نشر عبر مدونة أو صحيفة.

من جهته، أشار عبد الرحيم بحار، الأستاذ الزائر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، إلى أن قانون الصحافة والنشر (88.13) مخصص لحماية الصحافيين المهنيين، وأن الامتيازات القانونية التي يتضمنها، مثل عدم تضمينه لعقوبات سالبة للحرية، لا تنطبق على كل ناشر رقمي.

وفي مداخلته حول “القضاء والإعلام: أية علاقة؟”، شدد بحار، مستشار بمحكمة الاستئناف ببني ملال، على أهمية حماية الحقوق والحريات كأرضية مشتركة بين الإعلام والقضاء، مبرزاً أن القضاء المغربي انفتح على الإعلام عبر اتفاقيات شراكة مع المعهد العالي للإعلام والاتصال، لتكوين قضاة في مجال التواصل القانوني، وصحافيين متخصصين في الشؤون القضائية.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر الدولي، المنظم من طرف فريق البحث في تحليل الخطاب بجامعة السلطان مولاي سليمان، عرف مشاركة أساتذة باحثين من المغرب وخارجه، وناقش موضوع “الإعلام، الخطاب والعلاقات الدولية” باللغتين العربية والإنجليزية.

مشاركة