في تفكيك ماهية الظلم في سياقنا العربي والاسلامي

نشر في: آخر تحديث:

بقلم: نورالدين بوصباع

“كلما أحدث الناس ظلما وفجورا أحدث لهم ربهم من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم ومياههم وأبدانهم وأشكالهم من النقص والآفات ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم”
زاد المعاد4/332 ابن القيم

المنظومة العقائدية التي تشربنا بهاحتى النخاع، والتصورات الدوغمائية التي تشكل وعينا المفارق للواقع، تجعلنا في حيرة منا لفهم ماهية الظلم، كيف يقع؟ و كيف تتم مجابهته؟ وما ضريبته على حاضرنا ومستقبلنا؟
الواقع أن المنظومة العقائدية و من راءها الوعاظ و الفقهاء والخطباء والدعاة كثيرا ما تحملنا كذوات لاحول لها ولاقوة هذا الظلم وتجعله صفة من صفات هذه الذات الأمارة بالسوء، فليس المجتمع هو من يظلم حين يكرس الفقر و التهميش و التمييز الطبقي، وليست السياسات اللاشعبية هي من تظلم حين تصبح الية من الأليات لخدمة طبقة منتفعة على حساب طبقة اخرى مستضعفة، وليست القوانين هي من تظلم حين تصبح في خدمة طرف على حساب طرف أخر.
كثيرا ما ينفث الفقهاء والخطباء والدعاة وأصحاب الفتاوى المأجورة في مسامعنا الآية” ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين” متناسين أن الظلم غير متربط بالأنفس فقط بل مرتبط بالسياقات العامة المختلة التي تتموقع فيها هذه الأنفس و التي يُراد لها وحدها أن تتحمل وزر الظلم وهي بالمناسبة جزء بسيط من هذا الكل الذي يحفل بالظلم والاقصاء والتهميش، المجتمع ، المدرسة، الشغل، الادارة،القضاء…..
الذين يحملون الأنفس لوحدها الظلم لايفقهون أن هذه الانفس ليست سوى انعكاس موضوعي لما يقع من تجاذبات طبقية داخل المجتمع تزيد من تعميق الشعور بالظلم و القهر وعدم المساواة، الذين يحملون الأنفس لوحدها الظلم لا يفهمون جذر الشر الوجودي والذي يتحمل فيه الجميع نصيبا من الظلم،بماذا تفسرون كيف يجر برلماني مغربي امرأة سرقت ستة عشرة بيضة إلى المحكمة ولا يقدر وضعها الاجتماعي الهش، وكيف تفسرون مستشارا جماعيا يسرق ميزانية برمتها ولاتتم متابعته، أليس هناك ظلم أكثر من هذا…
الواقع أن من يحملون الانفس لوحدها الظلم هم يحاولون قدر المستطاع ان يصرفوا عقولنا عن جذر الظلم، عن صناعه الحقيقيين، هم يريدون دائما تحميل هذه الأنفس المعطوبة اي ذنب من الذنوب وأي شر من الشرور واي تلبيس من الالتباسات،هؤلاء الوعاظ والخطباء والدعاة يتنسون العالم بحقارته الوجودية والأسياد الذين يتحكمون في الرقاب بتكالبهم الفضيع و انتهازيتهم المفرطة ويحملون كل ذلك للذات.

اقرأ أيضاً: