الرئيسية آراء وأقلام فرنسا والجزائر، قضية المؤثرين،القشة التي قسمت ظهر البعير.

فرنسا والجزائر، قضية المؤثرين،القشة التي قسمت ظهر البعير.

كتبه كتب في 13 يناير، 2025 - 11:22 صباحًا

بقلم..عبد السلام اسريفي/ رئيس التحرير

فبعدما كان يتعلق بـ”خلاف سياسي” حول موقف باريس المستجد من قضية الصحراء المغربية ومقترح الحكم الذاتي، بات الأمر يتجاوز ذلك بكثير ليتحول إلى ما يصفه النظام الجزائري “تدخلا سافرا وغير مقبول في الشؤون الداخلية للجزائر”، في رد على تصريحات إيمانويل ماكرون المنتقدة لاستمرار اعتقال الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال.

وتطورت الأمور لتتجاوز ذلك بكثير، حيث أقدمت فرنسا، وبتبليغ من بعض المؤثرين اللاجئين ،الى اعتقال مجموعة من أصحاب المحتوى، الذين (حسب محتوياتهم) يشكلون خطرا على الغير وعلى استقرار فرنسا، بل عمدت سلطات باريس الى توقيف “المؤثر” نعمان بوعلام المعروف باسم “دولامن”، والذي تم ترحيله من فرنسا وإعادته للجزائر، لتقرر الأخيرة عدم استقباله وإرجاعه إلى فرنسا في الطائرة نفسها.

رفض استقبال الجزائر لبوعلام،اعتبرته فرنسا إهانة لها، ما اعتبره وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، محاولة من الجزائر “لإذلال فرنسا”، مؤكدا أن بلاده “لن يكون لديها خيار سوى الرد إذا واصل الجزائريون هذا الموقف التصعيدي”، وذلك قبل أن يقدم مقترحا -رفضته الحكومة الفرنسية- يهدف إلى تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين الجزائريين، وزيادة التعريفات الجمركية على الواردات الجزائرية،هذا في الوقت الذي يتهم فيه العسكر اليمين المتطرف بالوقوف وراء محاربة الجزائريين بفرنسا.

هذا الوضع خلق نوع من التشنج الواضح بين المرادية والايليزيه ، حيث يتم التفكير في مراجعة الكثير من الاتفاقيات الثنائية بين فرنسا والحزائر، خاصة المتعلقة بالتٱسيرات الدبلوماسية والتحولات المالية،والاتفاقيات الأمنية والاستخباراتية، ما قدم يشكل في حالة حدوثه صدمة قوية لنظام العسكر، الذي يراهن على تراجع ماكرون على قراراته الأخيرة والتوجه للجزائر لطلب الصفح، أمر يستبعد المراقبون، الذين يؤكدون أن إدارة “تبون” لا تع ما تفعل، وهي بهذه السياسة ستواجه صعوبات كبيرة، بل عقوبات، قد تتسبب في خروج الشعب للاحتجاج ، رفضا للأوضاع الداخلية التي طالما يحاول العسكر تعليقها وحجبها عن المواطن من خلال اختلاق أزمات خارجية.

في السياق ذاته، قال المحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة إن الجزائر تعيش “حالة من فقدان البوصلة بشكل كبير في علاقاتها الخارجية”، حيث لم تستطع قراءة التحولات الكبرى التي شهدها النظام العالمي ولا تزال تعتمد الآليات التقليدية نفسها في سياستها الخارجية؛ وهو ما جعلها عاجزة عن مواكبة هذه التحولات، بل والسقوط في مواجهات، تخسرها في أول محطة،على غرار صراعها مع المغرب ومالي، ومحاولتها اختراق موريتانيا ورسم ملامح جديدة لدولة ليبيا…

وأفاد العمراني بوخبزة في ظل هذا الصراع على أن الجزائر تعتمد الآن على وسائل ضغط مثل المؤثرين والتشويش على الداخل الفرنسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل إعلام تهيمن عليها الجزائر داخل فرنسا، “وهي استراتيجية قد تأتي بنتائج عكسية”.

وأكد أن الجزائر بتعنتها وصراعها مع فرنسا قد تتسبب في تعميق الأزمة مع فرنسا، خصوصا أن العلاقة بين البلدين ليست عادية بل متشابكة ومعقدة، مع وجود مصالح اقتصادية واجتماعية كبيرة بينهما،لكن، الوضع تغير،وبات من الصعب على العسكر استرجاع بعض المكاسب السياسية التي فقدتها إدارة “تبون”بفعل التحولات الجيوسياسية العالمية، خصوصا من خلال الضغط على فرنسا للحصول على مواقف داعمة لها، سواء فيما يتعلق بملف الذاكرة أو موقف باريس من قضية الصحراء المغربية، ليقع لها ما وقع للبعير، حيث قسمت القشة ظهره، ليسقط أرضا، غير قادر على الحركة.

مشاركة