الرئيسية أحداث المجتمع فاس تستعيد من جديد توهج مهرجانها الشهير لموسيقى العالم العريقة في نسخته 26

فاس تستعيد من جديد توهج مهرجانها الشهير لموسيقى العالم العريقة في نسخته 26

IMG 20220530 WA0018.jpg
كتبه كتب في 30 مايو، 2022 - 12:35 مساءً

رشيد دويري علوي/فاس

بعد احتجاب وصمود داما سنتين متتاليتين، بسبب الأزمة الصحية، ها هي مدينة فاس تستعد لاستقبال عشاق المهرجانات، الوافدين إليها من المغرب ومن الخارج، لحضور النسخة 26 من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة.


أحدث مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة في سنة 1994 تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد، نصره الله، الذي يعتبر أول مهرجان من الجيل الجديد يثري وينشط الأجندة الثقافية المغربية. وسيشكل أيضا أول موعد موسيقي كبير صيف سنة 2022 مؤكدا بذلك الانطلاقة الفعلية للأنشطة الثقافية والتظاهرات الكبرى بالمملكة المغربية.
مهرجان فاس تظاهرة فنية مثقلة بالقيم المغربية المعبرة عن الانفتاح الثقافي والتسامح الديني التي تجسد الصورة الحقيقية للمملكة المغرب، أرض السلام والتعايش. وللترويج لهذه التظاهرة الكبرى، نظم ممثلو مؤسسة “روح فاس”، رفقة الفريق المنظم للمهرجان، في الأيام الماضية، جولة إلى كل من فرنسا وإسبانيا، قصد الإعلان عن عودة هذه التظاهرة ذات البعد والإشعاع العالمي.

جولة ترويجية بكل من باريس ومدريد
وهكذا، ففي يوم 12 ابريل بباريس، نظم لقاء بقصر اللوكسمبورغ، مقر مجلس الشيوخ الفرنسي، حضره أعضاء من مجموعة الصداقة الفرنسية-المغربية البرلمانية وممثلي وسائل الإعلام الفرنسية. وفي نفس الإطار، وبتاريخ 19 ماي بمدريد، نظم لقاء بسفارة المغرب قدمت خلاله أهم فقرات برنامج المهرجان وتم التأكيد عبره على ضرورة تعزيز العلاقات الثقافية والتراثية ما بين المملكتين.
برمجة وفقرات من المستوى الرفيع
طيلة أربعة أيام متتالية، من الخميس 09 إلى الأحد 12 يونيو، وحول موضوع ملهم يحمل شعار “العلاقة ما بين الهندسة المعمارية وما هو مقدس”، جرى إعداد برمجة من المستوى الرفيع لهذا المهرجان الشهير.
تتجسد هذه النسخة 26 من خلال تنوع الأصوات الروحية عبر الحضارات، سيتجلى أكثر عبر حضور صفوة فنانين سيفدون عليه من 15 بلدا، نذكر من بينهم على وجه الخصوص سلطنة عمان، كازاخستان، الهند، فرنسا، إيطاليا، السنغال، وغيرهم من البلدان التي تحتضن مجموعات مختصة في إحياء وتمجيد التراث الروحي الأصيل.

وستشارك في نفس المهرجان وجوه ونجوم لامعة في سماء الفن. ولأول مرة، ستشارك مجموعة الأخوات روحاني من الخارج، تلك المجموعة التي تعد من كبار مطربي الغناء الصوفي الهندي إلى جانب مجموعة كورا من السنغال والصوت الصداح للنجمة الكبيرة سيني كامارا. ويأتي الدور بعد ذلك على مجموعة أونيكي مقام لآسيا الوسطى بأغاني السرد المتعددة الأنغام. الجمهور على موعد أيضا مع إبداعات عازف البيان والملحن ميكائيل ليفيناس رفقة السوبرانو ماريون كرانج، حول أشعار بول سيلان، المأخوذة من رائعته “La Passion selon Marc” وقطع غنائية مستوحاة من قاديش التراث العبري لمجموعة “La Tempête”، تحت إدارة رئيسها سيمون بيير بيستيون، الذي يرحل بالجمهور في سفر حالم عبر الزمن يستعرض من خلاله الروابط التي لطالما نسجت عبر التاريخ ما بين ثقافاتنا ودياناتنا منذ قرون حول البحر الأبيض المتوسط.
وخلال السهرة المنتظرة ليوم السبت، سيكون لعشاق المهرجان موعد مع مزيج ما بين الجاز الشرقي وعازف البوق الشهير إبراهيم معلوف والألوان الموسيقية البلقانية للمجموعة العالمية الشهيرة هيدوتي أروكستار، في حفل بهيج سيكرمون من خلاله الموسيقى العالمية العريقة المتجذرة عبر العصور والحقب.
موسيقى وعروض افتتاحية
خلال أربعة أيام، وكالعادة، ستنظم السهرة الافتتاحية لهذا العرس الموسيقي من خلال حفل رائع مستوحى من العلاقة التي تربط الموسيقى بكل ما هو مقدس. وبهذا، سيوجه آلان ويبر، المخرج والمدير الفني السابق للمهرجان، الدعوة للجمهور للسفر عبر الصوت والصورة في رحلة تنطلق من المغرب عبر الديانات الخمسة الكبرى بالعالم: الإسلام، المسيحية، اليهودية، البوذية والهندوسية…كما سيجمع الحفل ما بين عروض فنية للعديد من الموسيقيين المنحدرين من مختلف الثقافات مع رسوم خرائطية على جدران الساحة الشهيرة لباب الماكينة.

أماكن تاريخية متفردة وضاربة في القدم
ككل دورة، سيتجسد تنوع مختلف الأعمال الفنية على مواقع ذات حمولة تراثية قوية، ليفسح المجال أمام الجمهور لإعادة استكشاف بعض الأماكن التاريخية الفريدة من نوعها على غرار: الساحة الكبرى لباب الماكينة، حيث كانت تقام الحفلات الرسمية للقصر الملكي، و رْياضات المدينة القديمة أمثال دار عديل، الإقامة القديمة لعامل فاس في عهد السلطان مولاي عبد الله. كما ستساهم حفلات الهواء الطلق لما بعد الظهيرة بمنتزه جنان السبيل، المنشأ في القرن الثامن عشر، في إضفاء رونق خاص على هذا المكان المدجج بالنباتات والألوان الزاهية.


سيتم أيضا تنظيم حفلات على نفس الشاكلة بالكنيس اليهودي أبندنان، جوهرة الثقافة اليهودية المغربية التي تعود للقرن الثاني عشر، والتي تم ترميمها بالكامل في سنة 2013. وفي الأخير، وفي كل ليلة على الساعة الحادية عشرة، ستنظم حفلات الليالي الصوفية من تنشيط الطرق الفاسية بساحة الولاية قبالة متحف البطحاء.

بعد اجتماعي قوي يعكس روح المواطنة الحقة
تسهر الجهة المشرفة على المهرجان، في شخص مؤسسة روح فاس على الترويج لمدى تجذر الحدث لدى الجماعة المحلية ضمن روح المواطنة الحقة والبعد الاجتماعي القوي. وقد تجسد هذا الالتزام على الخصوص عبر إبرام شراكة مع جامعات سيدي محمد بن عبد الله، الأخوين والجامعة الحرة لفاس بهدف تطوير التكوين على مهن الثقافة عبر منح حصة من تذاكر ولوج العروض الفنية للطلبة وتخصيص مقاعد للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. كما واكب المهرجان برنامجا لتكوين كورال لأطفال المدارس سيرافق فنانين مشهورين (سيني كامارا والمجموعة الصوتية سارديس).


هذا، و يجب التنويه هنا أيضا بالآثار الإيجابية والبصمة التي دأب على تركها المشرفون على المهرجان عبر إشرافهم على ترميم التراث، تجويد الفضاء الحضري، والآثار السياحية، التجارية والمساهمة في خلق مناصب للشغل لفائدة ساكنة المدينة.
وستمتد هذه الدينامية الاستثمارية بالحياة المحلية على امتداد السنة من خلال العديد من المبادرات التي تسهر على بلورتها على أرض الواقع مؤسسة روح فاس.

المنتدى الفكري، فضاء متميز للحوار والنقاش
يتضمن مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، ومنذ 2011، شقا علميا على شكل منتدى للحوار والنقاش يروم إثراء المعارف الثقافية، يعهد بتنشيطه لشخصيات فكرية وازنة؛ وهو مفتوح في وجه العموم بقاعة المؤتمرات بفندق ماريوت.
يتمحور النقاش بهذا المنتدى الفكري حول موضوعين اثنين خلال يوم 11 يونيو سيتطرق عبرهما للهندسة المعمارية كبصمة،ومعيار وإطار للمعتقدات والروحانيات، وذلك من خلال تنظيم مائدتين مستديرتين تحت عنواني “الفضاء وطرق الحياة” و”رموز المقدس”.
ويأتي هذا المنتدى، كالعادة، كتكملة ضرورية للمهرجان تمكن مدينة المقدس والروحاني من التوجه للعالم بمساهمتها الثقافية والروحية عبر توجيه رسالة إنسانية وكونية، تدعو إلى السلام والتآخي والتسامح ما بين الأفراد على اختلاف معتقداتهم ومشاربهم.

مشاركة