بقلم عزيز بنحريميدة
حينما تأخذنا الحياة في رحلة طويلة مليئة بالتجارب والاختبارات، نعود في لحظة ما إلى نقطة البداية ونتساءل: هل تغيرنا نحن أم تغير من حولنا؟ هذا السؤال يطرح نفسه بشدة في مجتمعاتنا اليوم، حيث نجد أنفسنا نشعر بالغربة في أوطاننا، ليس بسبب البعد الجغرافي بل بسبب الفجوة التي تتسع بين ما كنا نؤمن به من مبادئ وقيم وما نراه الآن من تدهور في الأخلاق والقيم.
فمن الطبيعي أن يتغير الإنسان مع مرور الزمن نتيجة تجاربه وتفاعلاته مع البيئة المحيطة به،ولكن عندما نشعر بأننا غرباء في أماكن كنا نعتبرها أوطاننا، يتبادر إلى الذهن سؤال ملحّ: هل التغيير الذي نشعر به هو في داخلنا فقط أم أن المجتمع بأسره قد تغير؟
إلى وقت قريب كانت المبادئ والقيم الأخلاقية تشكل الأساس الصلب الذي يقوم عليه المجتمع، من الأمانة والنزاهة إلى الاحترام المتبادل والتعاون،ومع ذلك، نشهد اليوم تراجعًا ملحوظًا في هذه القيم حيث يسيطر الجشع والمصالح الشخصية على العديد من التصرفات، وتصبح العلاقات الإنسانية مرهونة بالمنافع المادية.
لا يمكن إنكار دور الإعلام والتكنولوجيا في التأثير على هذه القيم والمبادئ في المجتمع،فبفضل وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحنا نعيش في عصر السرعة والتدفق المستمر للمعلومات، ولكن هذا التدفق لم يكن دائمًا إيجابيًا ،الانتشار الواسع للأخبار المزيفة والمحتوى الذي يعزز السلوكيات السلبية ساهم في تآكل و اندحار هذه القيم و تسيد الرويبضة للمشهد الإعلامي حيث التفاهة و التافهين يحتلون شاشات وسائل التواصل الإجتماعي و الفضائح و المأسي تحتل العناوين البارزة في مختلف الصفحات فمن الذي تغير حتى أصبحنا نحس بالغربة في هذا الوطن .
في الماضي كانت الأسرة كانت ولا تزال المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الفرد القيم والمبادئ لكن ومع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، نجد اليوم أن دور الأسرة في التربية بدأ يضعف، مما ترك فراغًا كبيرًا في تنشئة الأجيال الجديدة على القيم والمبادئ الصحيحة فراغ إحتلته فضاءات وصفحات الميديا التي دمرت كل القيم و المبادئ .
إن هذا الشعور بالغربة في الوطن هو انعكاس لتغيرات عميقة في مجتمعنا ما جعلنا نتساءل عما إذا كنا نحن من تغير أو أن المجتمع و من حولنا هو الذي تغير، نجد أن الإجابة قد تكون مزيجًا من الاثنين،ولكن الأهم هو إدراكنا لحقيقة هذا التغيير والعمل على استعادة ما فقدناه من مبادئ وقيم، حتى نستطيع أن نشعر بالانتماء مجددًا إلى أوطاننا.