الرئيسية آراء وأقلام عقد التسيير الحر في القانون المغربي

عقد التسيير الحر في القانون المغربي

téléchargement 2.jpg
كتبه كتب في 18 أكتوبر، 2018 - 1:30 مساءً

مقدمة

يعتبر عقد التسيير الحر من العقود الخاصة التي جاءت بها مدونة التجارة، وهو كراء لمنقول من نوع خاص، وهو الأصل التجاري، والذي يعد مالا معنويا منقولا، بل أنه وسيلة لاستغلال هذا المنقول، وبالتالي فإنه لا يؤدي إلى إنشاء أصل تجاري جديد، وإنما يشغل المسير الحر نشاطا تجاريا قائما، ومع ذلك فإنه يسير هذا الأصل كما لو كان مالك له، مادام يسيره لحسابه الخاص، ويستفيد من أرباح استغلاله في مقابل تحمله خسائره .

ويحقق التسيير الحر مصلحة مالك الأصل التجاري عندما يتعذر عليه استغلاله بنفسه لأسباب واقعية أو قانونية كالمرض أو الشيخوخة أو في الحالات التي يحصل فيها عليه عن طريق الإرث أو الهبة أو الوصية دون توفره على الخبرة الكافية في التجارة، أو كان لا يزال قاصرا أو كان يمارس مهنة تتنافى مع التجارة كما كان موظفا أو محاميا، حيث يتيح له في هذه الحالات الاحتفاظ بملكية الأصل التجاري وعدم تحمله لتبعات الاستغلال .

كما يحقق مصلحة المسير الحر حيث يمكنه من ممارسة التجارة على الرغم من عدم توفره على أصل تجاري .

ويلاحظ وجود خلط في ذهن المتعاملين بين كراء المحل التجاري الذي ينصب على العقار وكراء الأصل التجاري . كما أن التسيير الحر يؤدي إلى لبس عند المتعاملين مع الأصل التجاري، خاصة الدائنين منهم، حول صفة المسير الحر باعتقادهم، من خلال طريقة استغلاله للأصل بملكيته له .

لذلك ارتأينا في هذا العرض المتواضع التطرق إلى تعريف عقد التسيير الحر وتحديد شروط إبرامه في مبحث أول ثم إلى آثاره في مبحث شأن .

المبحث الأول : تعريف عقد التسيير الحر وشروط إبرامه :

مطلب أول : تعريف عقد التسيير الحر

عرف المشرع المغربي عقد التسيير الحر صراحة في المادة 152 من مدونة التجارة على أنه «…. كل عقد يوافق مالك الأصل التجاري أو مستغله على إكرائه كلا أو بعضا لمسير يستغله تحت مسؤوليته ».

وبالرغم من سلامة هذا التعريف، فإنه من جهة يعد ناقصا بالمقارنة مع التعريف الذي كان القضاء المغربي قد وضعه في هذا الإطار في ظل القانون التجاري القديم لسنة 1913 ، كما أنه من جهة أخرى محل انتقاد من طرف بعض الفقهاء .

فمن جهة أولى لم يتبن المشرع المغربي التعريف الذي أورده القضاء المغربي لعقد التسيير الحر، مثل ذلك الذي أوردته محكمة الاستئناف بسطات معتمدة فيه على التعريف الذي وضعه الفقيه الفرنسي جان إيسكارا حيث جاء في قرارها رقم 876 بتاريخ 03/12/1985 بأن « عقد التسيير الحر عقد بمقتضاه يتخلى المالك للغير لمدة معينة، عن حق استغلال الأصل التجاري مع احتفاظه بملكيته مقابل احتفاظ الغير بمنافع استغلاله، وتحمله التكاليف الناجمة عن الاستغلال مع التزامه بأداء مبلغ ثابت إلى المالك ».

ومن جهة أخرى انتقد بعض الفقه عدم نص المشرع صراحة على التزام المسير الحر بأدائه أجرة للمالك، لكن بالرجوع إلى تعريف المشرع المغربي نجده استعمل كلمة إكراء، وهي عبارة تعني ضمنيا التزام الغير بأداء أجرة الكراء، وقد يكون تفادي المشرع المغربي التطرق إلى الأجرة مقصودا حتى لا يقيد حرية المتعاقدين الذين سيتفقون على أن يكون مقابل التسيير الحر نصيب في الأرباح مثلا وهو ما أجازه الفقه « أحمد دريوش » واعتبره القضاء عقد تسيير حر وليس عقد عمل حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء عدد 1957 بتاريخ 05 يونيو 1984 أو عقد شركة « محكمة الاستئناف التجارية بمراكش » قرار رقم 874 ملف عدد 518/2/02 الصادر بتاريخ 29/10/2002.

ويستفاد من المادة 152 من مدونة التجارة أن المشرع حدد طبيعة عقد التسيير الحر بأنه عقد كـراء ينشـئ فــي ذمة المتعاقديـن حقوقـا والتزامات متقابلة Un Contrat synallagmatique ، فهو كراء لمال منقول معنوي وهو الأصل التجاري، وهذه الخاصية هي من أولى المسائل التي يجب إيضاحها، والتأكيد عليها، إذ إن طبيعة الشيء محل عقد التسيير الحر والذي هو مال معنوي منقول تجعله يخضع للمقتضيات الخاصة الواردة في مدونة التجارة وللقواعد العامة المتعلقة بالكراء المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود . ولا تطبق عليه القواعد الخاصة بكراء المحلات التجارية، أي العقارات المستغل فيها الأصل التجاري ( ظهير 24/05/1955) ويجوز أن ينصب عقد التسيير الحر على جزء من الأصل التجاري إذا كان هذا الأخير يتوفر على فروع .

وعقد التسيير الحر يتميز أيضا بكون المسير الحر يتمتع باستقلالية في استغلال الأصل التجاري حيث يستغله باسمه ولحسابه الخاص ويستفيد من أرباحه ويتحمل خسائره بعيدا عن أية تبعية لمالكه . وهكذا فالضابط المميز لعقد التسيير الحر هو ضابط الاستقلال في الاستغلال وتأخذ هذه الاستقلالية مظاهر متعددة .

1- طبيعة المهام التي يقوم بها المسير الحر والتي تجعله يستغل الأصل التجاري كما لو كان هو المالك الحقيقي له .

2- مزاولته للنشاط التجاري باسمه ولحسابه الخاص، مما يعني غياب أي خضوع لصاحب الأصل التجاري .

3- تحمله مخاطر النشاط الذي يزاوله، فيكون بذلك مسؤولا عن نتائج استغلاله، بحيث يستفيد من أرباح الاستغلال ويتحمل ما قد يحدث من خسائر .

4- كونه غير ملزم بأنه يقدم حسابا عن التسيير الذي قام به إلى المالك . كما هو الحال بالنسبة للمسير المأجور .

المطلب الثاني : شروط إبرام عقد التسيير الحر .

يتطلب إبرام عقد التسيير الحر توفر الأركان الموضوعية اللازمة لقيام كل عقد، وهي الأهلية والرضى والمحل والسبب، إلا أن دواعي حماية حقوق الغير وتنظيم الاقتصاد الوطني وسلامته، استدعت وجود أحكام خاصة بإشهار التسيير الحر تضمها مدونة التجارة، وسنبحث أولا الشروط الموضوعية لإبرام عقد التسيير الحر ثم نتناول شكليات إشهاره .

I- الشروط الموضوعية :

لم تعرض مدونة التجارة بشكل مفصل للأركان الموضوعية العامة لعقد التسيير الحر، ومن ثمة يبقى قانون الالتزامات والعقود هو المصدر العام لبيان هذه الأركان، التي هي الرضاء والأهلية، والمحل والسبب .

1- التراضـــي :

أ – وجود التراضي :

يحصل التراضي في الوقت الذي يرد فيه من تلقى الإيجاب بقبوله، ويجب إن ينصب التراضي أولا على نوع العقد، بأن يقصد المتعاقدان إبرام عقد تسيير حر لأصل تجاري بالذات، وليس عملية أخرى من العمليات الواردة على الأصل التجاري بعناصره التي يستحسن وضع إحصاء تفصيلي لها، أو وضع ملحق للعقد يتضمن جردا مفصلا للأدوات والمعدات الموجودة عند إبرام العقد، ووصف حالتها، مع بيان صلاحيتها للاستعمال، وإعداد قائمة للبضائع الموجودة .

كما ينبغي أن يشمل التراضي كذلك مدة العقد، باعتبارها ركنا لازما له، ويتمتع الأطراف بحرية تحديد المدة، ويجب أن تستوفي الأجرة الشروط الخاصة بها، علما أن عدم ذكر الأجرة أو المدة إذا أغفل الطرفان الاتفاق عليها، أو اتفقا عليها وتعذر إثبات ما اتفقا عليه لا يمنع قيام العقد لأن المشرع تكفل بتحديد الأجرة والمدة في الفصول 634 و 688 من قانون الالتزامات والعقود .

ب – صحة التراضي :

يجب لكي يعقد بإرادة الأطراف المتعاقدة ويقوم العقد صحيحا أن تكون هذه الإرادة حرة سليمة غير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضى التي نص عليها الفصل 39 من ق ل ع وهي الغلط والتدليس، والإكراه، يضاف إليها نقصان الأهلية والمرض والحالات المشابهة، وكذا الغبن، ويرجع بشأنها إلى القواعد العامة في قانون الالتزامات والعقود، إذ لا تتضمن مدونة التجارة قواعد خاصة بشأنها .

2- الأهليــــة :

تنقسم الأهلية إلى أهلية وجوب وهي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق، والتحمل بالالتزامات، وأهلية أداء تمكنه من مباشرة التصرفات القانونية التي من شأنها أن تكسبه حقا أو تحمله التزاما يعتد به قانونا، والتي عرفتها مدونة الأسرة في المادة 208 بكونها « صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته …. » وهي التي تهمنا الآن لأن أهلية الوجوب ليس لها علاقة بالتعاقد .

ونظرا لكون عقد التسيير الحر تترتب عليه أثار مهمة، وحيث أنه يؤثر على قيمة الأصل التجاري وعناصره بسبب ظروف الاستغلال، وبالتالي على الذمة المالية للمكري التي تتأثر بانحراف المسير الحر إلى سوء الاستغلال وبالتالي يسأل المكري بالتضامن مع المسير الحر عن الديون المرتبطة بالأصل التجاري في حدود معينة، كما أن المشرع أعطى لدائني المكري إمكانية المطالبة بالتصريح بسقوط ديونهم خلال الثلاثة أشهر الموالية لنشر عقد التسيير الحر، لهذا كله يقتضي الأمر القول بوجوب تمتع مالكا الأصل التجاري بأهلية التصرف .

أما بالنسبة للمسير الحر فإنه لما كان هذا الأخير يعتبر حسب المادة 153 من مدونة التجارة تاجرا، فإنه يشترط فيه إن يكون متمتعا بالأهلية التجارية .

ولم تحدد مدونة التجارة أي سن خاص لبلوغ سن الرشد القانوني إنما أحالت على مدونة الأسرة التي تنص في مادتها 209 على أن سن الرشد القانوني هو 18 سنة شمسية كاملة، وعليه فإن الشخص البالغ 18 سنة شمسية يعد كامل الأهلية لممارسة التجارة ما لم يكن مصابا بحنون أو سفه .

أما فيما يخص أهلية التاجر الأجنبي فقد نصت المادة 15 من مدونة التجارة على أنه، يعتبر الأجنبي كامل الأهلية لمزاولة التجارة ببلوغه عشرين سنة كاملة، ولو كان قانون جنسيته يفرض سنا أعلى مما هو منصوص عليه في القانون المغربي، ويلاحظ أن أهلية ممارسة التجارة بالنسبة للأجنبي، أصبحت تختلف عن المواطن المغربي مما يجب معه تدخل المشرع لتعديل هذا الفصل حتى يتماشى مع مدونة الأسرة الجديدة التي تحدد سن الأهلية في 18 سنة شمسية كاملة .

أما إذ كان الأجنبي غير بالغ سن الرشد فلا يمكنه ممارسة التجارة إلا إذا حصل على إذن بذلك من رئيس المحكمة التي ينوي ممارسة التجارة بدائرتها، ويجب تقييد هذا الإذن بالسجل التجاري . والوقت الذي يراعى في تقدير أهلية الطرفين هو وقت إبرام عقد التسيير الحر .

كما يجوز إعطاء، الإذن لممارسة التجارة للقاصر الذي أتم 12 سنة من عمره من طرف الولي أو بقرار من القاضي المكلف بشؤون القاصرين بناء على طلب من الوصي أو المقدم أو الصغير المعني بالأمر، ويقيد هذا الإذن الخاص بالسجل التجاري، ويسحب إما تلقائيا من طرف القاضي المكلف بشؤون القاصرين، أو بناء على طلب حاجر القاصر طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 194 من قانون المسطرة المدنية . أو بطلب من النيابة العامة إذ ثبت لها سوء تدبير القاصر لأمواله التي يديرها على سبيل التجربة .

أما الترشيد فهو دخول الأهلية الكاملة قبل تمام وقتها، وقد نظم المشرع أحكام الترشيد في المادة 218 من مدونة الأسرة . التي تنص على أنه «….. إذا بلغ القاصر 16 سنة من عمره جاز له أن يطلب من المحكمة ترشيده، ويمكن للنائب الشرعي أن يطلب من المحكمة ترشيد القاصر الذي بلغ السن المذكور أعلاه إذا آنس منه الرشد . ويجب تقييد الترشيد بالسجل التجاري .

3- محل عقد التسيير الحـــــر :

محل عقد التسيير الحر هو الأصل التجاري، إذ أنه حسب المادة 152 لا يمكن لعقد التسيير الحر أن ينصب إلا على أصل تجاري، وحسب القواعد العامة لقانون الالتزامات والعقود فإن محل العقد يجب أن يكون من الأشياء التي يجوز التعامل بها، وأن يكون معينا déterminé ، وغير قابل للاستهلاك حتى يمكين رده بذاته إلى مالكه عند انقضاء عقد التسيير الحر . ويتحقق الغرض منه وهو تمكينه المسير الحر من الانتفاع به مدة من الزمن .

أما شروط المحل في عقد التسيير الحر فهي أن يكون الأصل التجاري موجودا لأن عقد التسيير الحر هو كراء لاستغلال هذا الأصل مما يفرض معه وجود هذا الاستغلال أي وجود الأصل التجاري نفسه قبل إكراءه للمسير الحر . وهو ما أكده المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 13/12/1989 عندما اعتبر أن «…. المحكمة لم تخرق مقتضيات الفصل 39 الوارد في الوسيلة بل طبقته تطبيقا سليما حينما استنتجت من دراستها لوثائق الملف ومستنداته أن الأصل التجاري كان مؤسسا من لدن المكري، وأن عناصر الأصل التجاري متكاملة وقت إبرام العقد، معتبرة إياه عقد تسيير حر لأصل تجاري غير خاضع لمسطرة ظهير 24/5/1955. ويشترط في الأصل التجاري محل عقد التسيير الحر إلى جانب كونه موجودا، شرطا آخر وهو أن ينطبق عليه مفهوم الأصل التجاري بمعناه القانوني الذي حددته مدونة التجارة خصوصا في مادتها 79 ، أي باعتباره مالا معنويا منقولا شاملا جميع الأموال المادية والمعنوية لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية، ومشتمل وجوبا على الزبناء والسمعة التجارية، فضلا عن أموال أخرى ضرورية لاستغلال له . كالاسم التجاري والشعار والحق في الكراء والبضائع والمعدات والأدوات وكل حقوق الملكية الصناعية والأدبية والفنية الملحقة بهذا الأصل . والأصل التجاري هو مال معنوي يغلب عليه التخيل أي غير ملموس ينتج عن تجمع العناصر المذكورة في وحدة، ليصبح كيانا قانونيا متميزا .

4- السبب في العقود التبادلية :

سبب التزام طرف هو التزام الطرف الآخر بتنفيذ التزامه ويجب أن يكون السبب مشروعا أي غير مخالف للأخلاق الحميدة والنظام العام أو القانون .

وبالإضافة إلى الشروط الموضوعية لإبرام عقد التسيير الحر هناك شكليات خاصة تتعلق بإشهار عقد التسيير الحر .

II- شكليات إشهار التسيير الحر :

يبقى عقد التسيير الحر عقدا رضائيا رغم اشتراط المشرع لإجراءات تتعلق بإشهاره منها إلزام المسير الحر بالتسجيل بالسجل التجاري ومالك الأصل المكري بشطب اسمه أو التنصيص على أنه أكراه على سبيل التسيير الحر وكذلك نشره بجريدة الإعلانات القانونية وبالجريدة الرسمية .

1- الكتابـــة :

لم يلزم المشرع المغربي الكتابة في عقد التسيير الحر سواء بالنسبة لصحته أو لإثباته، ولكن بالرجوع لإجراءات الشهر المتطلبة في هذا العقد من نشر وتسجيل فإنه يصعب الاقتصار على عقد شفوي .

2- التسجيل بالسجل التجاري :

لم يلزم المشرع صراحة تسجيل عقد التسيير الحر في حد ذاته، كما أنه لم يلزم طرفيه بإيداع نسخة منه بكتابة الضبط حتى يتمكن الأغيار من الاطلاع عليها . كما فعل بالنسبة لعقد بيع الأصل التجاري . فبالنسبة للمكرى فقد منحه المشرع في الفقرة الثالثة من المادة 153 خيارين اثنين تحت مسؤوليته .

الخيار الأول : طلب شطب اسمه من السجل التجاري، وهو مجرد تطبيق لمقتضيات المادة 52 من مدونة التجارة التي تنص « في حالة تملك، اكتراء أصل تجاري، يتم القيام بشطب تقييد الأصل التجاري المفوت أو المكرى من السجل التجاري للمالك أو المكري السابقين ».

وفي هذه الحالة يتقدم مالك الأصل التجاري المكرى بثلاث تصاريح بالتشطيب معبأة بالآلة الكاتبة ومصادق عليها يطلب من خلالها التشطيب على الأصل التجاري لا كراءه على سبيل التسيير الحر .

الخيار الثانـي : تغيير تقييده الشخصي بالتنصيص صراحة على وضع الأصل التجاري في التسيير الحر، ونعتقد بأنه هذا الخيار هو الأصلح بالنسبة لمالك الأصل التجاري حيث يعفيه عند نهاية العقد من القيام بإجراءات التسجيل بالسجل التجاري من جديد .

أما الوثائق التي يجب الإدلاء بها في هذه الحالة فهي :

ثلاث تصاريح بالتعديل والتشطيب نموذج 4 معبأة بالآلة الكاتبة ومصادق عليها مرفقة بصورة من عقد التسيير الحر .

وللمكري مصلحة كبرى بأن يبادر إلى القيام بهذا الإجراء بإحدى هاتين الطريقتين، وإلا كان مسؤولا بالتضامن عن ديون خلفه أو مكتريه وفق ما تنص عليه المادة 60 من مدونة التجارة والتي جاء فيها أنه « … في حالة تفويت أو إكراء أصل تجاري يبقى الشخص المسجل مسؤولا على وجه التضامن عن ديون خلفه، أو مكتريه، ما لم يشطب من السجل التجاري، أو لم يعدل تقييده مع البيان الصريح للبيع أو الإكراء ».

أما بالنسبة للمسير الحر فيجب عليه أن يسجل بالسجل التجاري كمسير حر طبقا للمادة 154 من مدونة التجارة التي تلزمه بذكر مجموعة من البيانات في الأوراق والمستندات المتعلقة بأصله التجاري منها رقم السجل التجاري، وموقع المحكمة التي سجل بها، وهذا بديهي لأن المسير الحر يكتسب صفه تاجر منذ إبرامه لعقد التسيير الحر، وأن المشرع ألزم كل تاجر بالتسجيل بالسجل التجاري .

وللقيام بذلك يجب على المسير الحر الإدلاء لكاتب الضبط المكلف بمسك السجل التجاري طبقا لما هو منصوص علي في قرار وزير العدل رقم 97-106 بثلاث تصاريح لتسجيل المسير الحر نموذج 4 أ معبأة بالآلة الكاتبة ومصادق عليها . وشهادة الضريبة المهنية وصورة منها ونسخة من السجل التجاري نموذج 7 في اسم المالك وصورة عقد التسيير الحر . ونظير من الجريدة الرسمية، ومن جريدة الإعلانات القانونية المنشور فيها مستخرج عقد التسيير الحر وصورتين من بطاقة التعريف الوطنية أو ما يقوم مقامها، النظام المالي للزواج إذا كان المسير الحر أجنبيا .

إذا لم يقم المسير الحر بهذه الإجراءات، فإنه بالإضافة إلى الغرامات المنصوص عليها في المادة 62 من مدونة لتجارة، لن يتمكن من الاحتجاج بصفته التجارية في مواجهة الأغيار وإن كان سيبقى خاضعا وفق للمادة 59 للالتزامات التي تفرضها عليه هذه الصفة .

كما يجب عليه القيام بشطب تقييده من السجل التجاري عند نهاية العقد وإلا أصبح مسؤولا بالتضامن عن ديون المسير الحر الجديد الذي سيخلفه، علاوة على أنه لن يتمكن من شطب تقييده من جدول الضريبة المهنية الخاصة بالنشاط الذي سجل من أجله المادة 51 من مدونة التجارة .

3- النشــــــــر :

يهدف نشر التسيير الحر أساسا إلى حماية حقوق الدائنين والأغيار، وتحقيق الاستقرار والثقة في المعاملات، إذ يمكن عن طريقه التعرف على وضعية الأصل التجاري، وقيمته الاقتصادية بالإضافة إلى المعلومات والبيانات المتعلقة به ومالكه، ومستغله، وقد ألزم المشرع المسير الحر بنشر مستخرج من التسيير الحر في بدايته، وعند إنهائه كما ألزم المسير الحر بالإشارة إلى صفته كمسير حر في جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بأصله التجاري وكذا الأوراق التي يوقعها .

وتنص المادة 153 من مدونة التجارة على نشر عقد التسيير الحر داخل أجل 15 يوما من تاريخه على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة الإعلانات القانونية . وهذه المادة لم تحددا الشخص الملزم بالإشهار، ولذلك يمكن أن يتم نشره من طرف المسير الحر باعتباره هو من له مصلحة في ذلك، ومن طرف المكري، وتنص المادة 155 على أن مكري الأصل التجاري يكون مسؤولا «…. على وجه التضامن مع المسير الحر عن الديون المقترضة من طرفه بمناسبة استغلاله الأصل التجاري، وذلك إلى غاية نشر التسيير الحر وخلال مدة الستة أشهر الموالية لهذا النشر ».

كما أن ديون المالك تصبح حالة بعد ثلاثة أشهر من تاريخ النشر . وتنص المادة 154 من مدونة التجارة على أنه يجب على المسير الحر أن يذكر في كل الأوراق المتعلقة بنشاطه التجاري وكذا المستندات الموقعة من طرفه لهذه الغاية أو باسمه البيانات التالية :

– رقم تسجيله بالسجل التجاري

– موقع المحكمة التي سجل بها

– صفته كمسير حر

ويعتبر هذا الالتزام أسلوب شهر فعال ومتميز بالنظر لاستمراره طول مرحلة تنفيذ العقد، وقد دعم المشرع إلزاميته بغرامة مالية على المخالف تتراوح ما بين 2000,00 و 10.000,00 درهم .

ونصت المادة 153 على أنه « يخضع انتهاء التسيير الحر لإجراءات الشهر نفسها المتطلبة عند إنشاءه أي الشهر في الجريدة الرسمية وفي جريدة الإعلانات القانونية داخل أجل 15 يوما من تاريخه انتهاء العقد .

مبحث ثاني : أثار التسيير الحر

لم تتطرق مدونة التجارة لكل أثار عقد التسيير الحر إنما اكتفت ببعضها فقط لذلك يجب الرجوع إلى القواعد العامة لقانون الالتزامات والعقود لمعرفة الآثار الأخرى لهذا العقد وعقد التسيير الحر لا يرتب أثاره فقط على طرفيه بل تمتد أثاره إلى الغير .

مطلب أول : أثار التسيير الحر تجاه طرفيه

سنتطرق أولا إلى أثار التسيير الحر بالنسبة للمكري ثم أثاره بالنسبة للمسير الحر .

I- أثار التسيير الحر بالنسبة للمكري

سنتطرق أولا إلى الالتزامات العامة للمكري طبقا لقانون الالتزامات والعقود، ثم التزاماته الخاصة الناتجة عن عقد التسيير الحر .

1- التزامات مكري الأصل التجاري في القواعد العامة

يلتزم المكري بتسليم الأصل التجاري – أ – وضمانه – ب –

أ – تسليم الأصل التجاري : La délivrance

لم تنظم مدونة التجارة التزام المكري بتسليم الأصل التجاري محل عقد التسيير الحر للمسير الحر مما يتعين معه الرجوع بشان هذا التسليم إلى القواعد العامة لقانون الالتزامات والعقود، وحيث إن الأصل التجاري مال منقول معنوي، وأن عقد التسيير الحر هو إكراء لهذا المنقول، فإن تسليم هذا الأخير يخضع إلى المقتضيات القانونية المتعلقة بالتسليم في عقد الكراء التي نجد أنها اعتبرت هذا الالتزام التزاما أساسيا في واجبات المكري، الفصل 635 من ق ل ع غير أنها أحالت بخصوص كيفية التسليم على الأحكام المقررة لتسليم الشيء المبيع .

ب – التزام بالضمان :

لا ينتهي التزام المكري بمجرد إبرام العقد وتسليم محله، وإنما يستمر إلى غاية تحقق النتائج المرجوة من هذا الإبرام، ولبلوغه هذه الغاية فإنه يتعين على المكري أن يضمن للمسير الحر الاستغلال الهادئ للأصل التجاري طول مدة سريان العقد، وذلك بالامتناع عن كل تصرف، أو فعل يعطل، أو ينقص مباشرة أو بطريقة غير مباشرة استغلال المسير الحر للأصل التجاري، وهو ما يعرف بضمان التعرض الشخصي والتدخل إيجابيا لاتقاء تعرض الغير للمسير الحر في انتفاعه بالأصل التجاري .

وكذلك الالتزام بضمان العيوب الخفية التي قد تشوب الأصل التجاري الذي ينصب عليه العقد .

2- التزامات المكري الخاصة بعقد التسيير الحر :

نظرا لطبيعة عقد التسيير الحر وكذا طبيعة الأصل التجاري فإنه يترتب على مكري الأصل التجاري التزامات أخرى غير تلك التي تحددها القواعد العامة، منها التزامه بعدم المنافسة والتزامه بتجديد كراء الأصل التجاري .

الالتزام بعدم المنافسة :

يلتزم مكري الأصل التجاري بعدم ممارسته لأي نشاط تجاري أو صناعي، أو حرفي مماثل لما هو مستغل في الأصل التجاري المؤجر تفاديا لمنافسته بكيفية أو بأخرى وتفاديا لجلب زبناء الأصل التجاري محل العقد .

+ الالتزام بتجديد كراء المحل التجاري :

يجب على مكري الأصل التجاري، في الحالة التي يكون فيها غير مالك للعقار الذي يستغل فيه أصله التجاري، أن يبادر عند توصله بإنذار من قبل مالكا العقار في إطار ظهير 1955 إلى سلوك الإجراءات المنصوص عليها في هذا الظهير ليتسنى للمسير الحر الاستمرار في استغلال الأصل التجاري .

II- أثار التسيير الحر بالنسبة للمسير الحر :

يلتزم المسير الحر بأداء الأجرة المتفق عليها مقابل انتفاعه من الأصل، وهو التزام رئيس، والمحافظة على الأصل التجاري وهو ما يقتضي استعمال هذا الأصل بكيفية عادية دون إساءة وفق ما أعد له ورده عند نهاية التسيير الحر، أو فسخه وأخطار المكري بكل ما يستدعي تدخله، كما أن اكتساب المسير لصفة تاجر تلزمه بالخضوع للالتزامات المتعلقة بالتجار كمسك محاسبة، والتسجيل بالسجل التجاري، وفتح حساب بنكي أو شيكات بريدية، والأداء بواسطة شيكا إذا كان مبلغ المعاملة يفوق 10.000,00 درهم . وتطبق على المسير الحر مساطر صعوبة المقاولة .

مطلب ثاني : أثار عقد التسيير الحر بالنسبة للغير :

خلافا للمبدأ القائل بنسبة أثار العقود المنصوص عليه في الفصل 228 من ق ل ع، فإن عقد التسيير الحر ينتج أثارا تمتد للغير، ويتكون الغير أساسا من الدائنين سواء منهم دائني المكري أو دائني المسير الحر . I والمتعاقدين مع المكري II

I- الدائنيــــن :

1- دائني مكري العقار :

عند إبرام عقد التسيير الحر يحق لدائني المكري أن يطلبوا من المحكمة التصريح بحلول آجال ديونهم، المتعلقة باستغلال الأصل التجاري موضوع العقد إذا تبين لهم أن من شأن هذا العقد أن يلحق بهم ضررا .

2- دائني المسير الحر :

ينص الفصل 155 من مدونة التجارة، بأن مكري الأصل التجاري مسؤولا على وجه التضامن مع المسير الحر إلى غاية نشر عقد التسيير الحر، وخلال مدة الستة أشهر التي تلي تاريخ هذا النشر عن الديون المتعلقة باستغلال الأصل التجاري، وليس عن الديون الشخصية للمسير الحر .

3- آثار العقد في مواجهة المتعاقدين مع المكري :

المسير الحر ليس مكريا من الباطن للعقار الذي يستغل فيه الأصل التجاري، ولذلك فهو لا يمكن أن يطالب بتجديد عقد الكراء، كما لا يمكنه أن يعترض على رهن الأصل التجاري من طرف المالك، أو بيعه .

مشاركة