عبد الله مشنون
منذ بضع سنوات استضاف الصحفي مصطفى العلوي في برنامجه “حوار” القيادي الاتحادي فتح الله ولعلو. وأتذكر أنه يومها تحدث عن الفرق بين الجرأة و الوقاحة. ومثال للجرأة بأن تأتي يوما إلى مطعم فاخر و تتناول ما لذ وطاب، ثم تخفض رأسك و تنصرف دون دفع الحساب. أما الوقاحة فأن تأتي في اليوم الموالي إلى نفس المطعم للقيام بنفس العملية.
مناسبة هذا الكلام هو عودة شخص كثر عنه القيل والقال في كل شيء إلى الأضواء. فبعدما تمت إقالته من طرف جلالة الملك و طرده من الحكومة إثر تبديد 22 مليار سنتيم من أموال الشعب لإصلاح المركب الرياضي بالرباط وما واكب ذلك من فضائح وسخرية و استهجان. هاهو ذا يتربع منتشيا على “منصة” مجلس النواب ليترأس جلسة مساءلة وزير الداخلية عن الحراك الاجتماعي في الحسيمة.
حينما كان النواب يتساءلون عن مآل المشاريع المدشنة والمبرمجة وعن تقاعس المسئولين و الوزراء وتخاذلهم عن أداء مهامهم كان هذا الشخص ينتشي بجلسته وتسييره لها فرحا بظهوره كالمنتصر العائد من الغزو وقد أمن من كل عقوبة وكأنه يردد كلمات تلك الأغنية و يعارضها:
اليوم عاد… اليوم عاد…
وبراءة الأطفال في عينيه…
ليقول للسياسة الفاسدة إنها رفيقة دربه…
وبأنها الحب الوحيد لديه.
حقا من أمن من العقوبة أساء الأدب, ففي الوقت الذي ينتظر المواطنون فيه الضرب بيد من حديد على الفاسدين و الخائضين في أموال الشعب بالباطل ,فانه يتم إعادة وجوه فقد أصحابها كل مصداقية بل قامت وقفات و مظاهرات تطالب بمحاسبتهم أو على الأقل برحيلهم.
كم من تقارير للمجلس الأعلى للحسابات وللمفتشيات القطاعية همت مؤسسات عمومية وأدانت مسئولين على سوء التدبير وتبذير المال العام دون أن يقدموا للمتابعة بل حتى أولئك الذين تورطوا في الاختلاس (ملف القرض العقاري و السياحي مثلا) تم إطلاق سراحهم, وقد تجد بعضهم لا زالوا في نفس المناصب ومنهم من تمت ترقيته .
سمعت صوتا ذات يوم يقول “هاتوا الملفات.. هاتوا الملفات” والحقيقة أنه من لا يبصر من خلال الغربال فهو أعمى.