الرئيسية آراء وأقلام عبد الإله بنكيران …خروج من الباب الخلفي ولكن !!!

عبد الإله بنكيران …خروج من الباب الخلفي ولكن !!!

BBYY.jpg
كتبه كتب في 19 ديسمبر، 2017 - 10:35 صباحًا

 

صوت العدالة- كريم حدوش

 

مما لا شك فيه أن عبد الإله بنكيران يعد من القادة السياسيين المغاربة المثيرين للجدل ،و الذي أسيل عنه الكثير من الحبر لما طبع حياته السياسية من نجاحات وإخفاقات، شغلت بال المبتدئين في السياسة قبل المحترفين منهم . الرجل الذي تعاطف في بداياته مع تنظيمات ذات توجه يساري ، ترعرع في صفوف الشبيبة الإسلامية لينفصل عنها فيما بعد رفقة عدد من أبناء جيله حيث أسسوا تنظيما سريا سمي بالجماعة الإسلامية ، إذ انتخب بنكيران رئيسا لها لولايتين.
طموح ابن مدينة الرباط لم يتوقف عند هذا الحد ، بل اختار رفقة عدد من زملائه إخراج الجماعة الإسلامية من السرية إلى العلنية، وبالتالي تغيير اسمها تماشيا مع الإرادة الرسمية لتحمل اسم الإصلاح والتجديد ومن ثم التوحيد والإصلاح التي تشكلت بدورها نتيجة لالتحام عدد من التنظيمات الإسلامية سنة 1996.
شغف النضال من داخل التنظيمات دفع ببنكيران إلى الانخراط في العمل الحزبي بعدما وفر له عبد الكريم الخطيب رفقة زملائه الإطار السياسي لذلك ، تحت مسمى حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية والذي سيصبح اسمه فيما بعد العدالة والتنمية .
هكذا إذن ظل عبد الإله يناضل داخل حزب العدالة والتنمية إلى أن انتخب أمينا عاما له خلفا للدكتور سعد الدين العثماني سنة 2008 ، ليعينه الملك رئيسا للحكومة سنة 2011 بعد تصدر حزبه الانتخابات التشريعية المقامة قبل أوانها في سياق ما عرف بالربيع العربي .
خمس سنوات من تدبير الشأن المحلي أثبت بعدها جدارته بقيادة الحكومة الأولى بعد الوثيقة الدستورية الجديدة، جدارة توجت بإعادة تعيينه من طرف العاهل المغربي رئيسا للحكومة للمرة الثانية تواليا إثر تصدر حزبه المشهد السياسي خلال تشريعيات 2016 . نجاحات تلو الأخرى حققها الزعيم” ذو المرجعية الإسلامية” لم ترُق خصومه فحاولوا بكل الطرق الشرعية والغير الشرعية الإطاحة به أو بالأحرى التخلص منه .
المحاولات لم تنجح لأن الرجل أقوى مما يتصورن ، لكن فشله أو لنقل إفشاله من تشكيل حكومته الثانية عجل بمغادرته رئاسة الحكومة بعدما أعفي من طرف ملك البلاد نتيجة لقرابة خمس أشهر من ” البلوكاج “، ولأن نزاهة الرجل مكنته من كسب شعبية كبيرة لم تكن في صالح المتحكمين في دواليب الدولة ، فقد كان من الضروري عدم الاكتفاء بتنحيته من الساحة السياسة فقط بل ومن المشهد الحزبي أيضا، في هذا السياق شكل نقاش التمديد لبنكيران على رأس حزبه لولاية ثالثة جدلا واسعا و انقساما كبيرا في صفوف “البيجيديين” بين رافض لاستمرار بنكيران ومؤيد لبقائه .
الأمر حسم من طرف المجلس الوطني لحزب العدالة و التنمية، حيث أسفرت نتائج التصويت عن رفض تعديل المادة 16 من النظام الأساسي للحزب المحددة لعدد الولايات، ليتوقف مسار رجلٍ قال لا للفساد بكل ما أوتي من شجاعة في 10 دجنبر 2017 وهو تاريخ انتخاب سعد الدين العثماني أمينا عاما جديدا لحزب العدالة والتنمية خلال انعقاد أشغال المؤتمر الوطني الثامن لحزب المصباح.
إن ما يدعو للاطمئنان في ما ذكر هو أن إعفاء الملك لبنكيران لمؤشر على أن الوثيقة الدستورية هي مرجع أساسي في احترام الاختصاصات وتقبل القرارات المنبثقة عنها، وهي دعوة لكل المسؤولين للسير على نفس المنهج . كما أن التصويت ضد تعديل المادة 16 من القانون الداخلي لحزب العدالة والتنمية، لمؤشر إيجابي على أن الحزب حزب مؤسسات، وهي أيضا دعوة لكل الأحزاب المغربية للسير على الطريق ذاته ، لكن الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن إزاحة بنكيران من رئاسة الحكومة و انتهاء نقاش الولاية الثالثة هو في ذات الوقت نهاية قيادة يعود لها الفضل في تبوؤ الحزب ريادة الأحزاب المغربية منذ سنة 2011.

مشاركة